رماد التمايز بين “الأخ الأكبر” والحزب تحت نار “حرب الإخوة”

3ashoura

“هؤلاء، لا يريدون أن يقرّوا بأن الخطأ الذي ارتُكب خلال عملية التفاوض، وأدّى إلى الاتفاق الذي حصل دون ضمانات واضحة، هو السبب في أن العدو قَدَر على الدخول إلى بلدات كثيرة في الجنوب، وعمل على تهديمها. كما أن هذه الأخطاء هي المسؤولة أيضاً عن استمرار الخروقات الإسرائيلية… طبيعة التفاوض التي جرت في تلك المرحلة لم تكن طبيعية بشيء، ولأن نقصًا في التنسيق، كما في التواصل والنقاش، أدّى إلى ما حصل من اتفاق، وما نتج عن ذلك من أهوال… هناك مناخات تسود أوساطًا برجوازية شيعية حديثة العهد، تربطها علاقات برجالات نافذة في المنطقة، تطالب الحزب بوقف المقاومة. ثم يُشار إلى أن أوساطًا قريبة من الرئيس نبيه بري، على أنها هي أيضاً، تعتبر أن الشيعة في لبنان قاموا بواجبهم تجاه القضية الفلسطينية، وأنه آن أوانُ الاهتمام بالوجود الشيعي.”

— من مقال إبراهيم الأمين في صحيفة “الأخبار”، بتاريخ 4 تموز 2025.

لم يكن مقال إبراهيم الأمين إلا انعكاسًا لما نشهده ونشاهده على مواقع التواصل الاجتماعي والمنصات الإعلامية من تعابير واتهامات متبادلة بين جمهورَي الثنائي الشيعي، المنتمِيَين إلى بيئة واحدة، والتي غالبًا ما تطفو إلى السطح عند كل محطة أو منعطف أو استحقاق أو مناسبة — خصوصًا في كل سنة خلال ذكرى عاشوراء.

ولم تَشُذ الإشكالات والمشاكل والاشتباكات هذا العام عن سابقاتها، بل جاءت لتُترجم انفجارات “القلوب المليانة” منذ الثمانينيات. وقد يكون الكاتب في صحيفة “الحزب” أكثر من كشف عن حقيقة ما في تلك القلوب، سواء في المقال أعلاه، الذي كال فيه الاتهامات للرئيس نبيه بري بالتقصير والتواطؤ والتآمر على “سلاح المقاومة”، أو في تحميله مسؤولية دماء من يسقطون جرّاء الخروقات الإسرائيلية، التي تتمّ في ظل اتفاق وقف إطلاق النار الذي صاغه وتفاوض عليه “الأخ الأكبر”، مفوضًا عن الحزب وأمينه العام الخلف، نعيم قاسم.

لقد كان للصحافي “الأمين” — الأمين على إيصال صوت الحزب وارتِيابه من الحركة — أن يكشف الغطاء عن عمق تلك “المكنونات”، إذ كان قد اتّهم في 8 كانون الأول 2016، عبر شاشة الـLBCI، السوريين و”حركة أمل” بأنهم “لعبوا دوراً بنسبة 95% في قتل قادة المقاومة”.

وقد يكون لارتِياب الحزب من “أخيه الأكبر”، بعد خيباته المتتالية من الحلفاء والأوصياء، بل وحتى من المنضوين المنتسبين أو العملاء، ما يبرره — خاصة في ضوء التعاطي “الممتع” للموفدين الأميركيين مع الرئيس نبيه بري، بحسب تعبير توماس باراك في لقائه الأخير مع رئيس حركة “أمل”.

وهنا يستعيد المرتابون ما أوصاهم به سيّدهم الراحل، السيد حسن نصرالله، في خطابه بتاريخ 25 أيار 2011، حين قال:

“هناك ناس عندما تمدحهم أميركا وإسرائيل يفرحون أو يطمئنون… لو أن أوباما مدحنا أو نتنياهو مدحنا، كان يجب أن نعقد اجتماعاً طارئاً على مستوى كل الهيئات القيادية في الحزب، ونجلس ونقول: يا إخوان، نحن أين أخطأنا؟ وما هي قصتنا؟ ماذا نحن فاعلون؟ ونعيد النظر بأنفسنا… ولما الشيطان يمدحك، يجب أن تخاف.”

انطلاقًا من “وصيّة السيّد”، من حقهم أن يُدينوا الرئيس نبيه بري بمثل ما أدانه به كاتبهم إبراهيم الأمين، في كانون الأول 2016 وتموز 2025، عندما يسمعون مدح آموس هوكشتاين في 4 آذار 2024:

“He is the boss who makes the decision”.

فيردّ بري بكل بساطة:

“ليش نحنا مختلفين؟”

وعندما يلمسون “ارتياحًا” ويسمعون “توقّعات” مورغان أورتاغوس في 8 نيسان 2025، بقولها:

“للولايات المتحدة توقّعات متفائلة بدور نبيه بري في المرحلة المقبلة.”

وقد لا يكون هذا هو آخر ما قد يسمعه المرتابون — الثابتون على الالتزام بخط نصرالله ووصاياه — من مدائح “الشيطان الأكبر”، إذ اختُتمت بلقاء توم باراك مع الرئيس بري في 7 تموز 2025، وحديثه عن محطة “NBN”، التابعة لحركة “أمل”، قائلاً:

“اللقاء مع الرئيس نبيه بري كان ممتعًا، لا سيما أننا نتفاوض مع متمرّس في العمل السياسي… عندما نتعامل مع محترف، تصبح الأمور أسهل… وأنا متفائل ومتحمّس.”

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: