"زفاف جعيتا" يشعل الغضب.. ومطالبات بمحاسبة المعنيين

2

ارتفعت في الساعات الأخيرة أصوات عدّة تحمّل الوزراء المعنيين مسؤولية التقاعس عن أداء مهامهم، إلى حدّ تجاهل المصلحة العامة وحماية المعالم الأثرية والطبيعية في البلاد.

فقد طالبت الناشطة السياسية مريم كسروان في حديث عبر موقع LebTalks بإدانة الوزراء المسؤولين عن السماح بهذه "الاعتداءات على التراث الوطني"، ومحاسبتهم على ما وصفته بـ"الإهمال المزمن في مواقع تُعدّ ثروة للبنان وللبشرية". وسمّت كسروان تحديدًا كلًّا من وزير الثقافة غسان سلامة، ووزيرة البيئة تمارا الزين، ووزيرة السياحة لورا الخازن لحود، محمّلة إياهم المسؤولية السياسية والأخلاقية لما جرى.

وأشارت إلى أنّ "سلسلة من التجاوزات خلال فترة وجيزة عكست غياب المهنية لدى هؤلاء الوزراء، وتسببت بأضرار طالت ثلاثة معالم تاريخية بارزة، بدءًا من إنشاء موقف سيارات بين البقايا الرومانية في عقار الباشورة 740، مرورًا ببناء مبنى فوق مغارة الفقمة، وصولًا إلى إقامة حفل زفاف داخل مغارة جعيتا".

هذا الحفل، الذي وثّقته مقاطع فيديو انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، أظهر العروسين والضيوف داخل المغارة يتنقّلون بالقوارب على وقع الموسيقى والأضواء، في مشهد غير مسبوق داخل موقع يُعدّ من أبرز المعالم الطبيعية في لبنان. وقد أثار ذلك غضبًا واسعًا، خصوصًا بعدما تبيّن أنّ الحفل جرى من دون ترخيص رسمي من وزارة السياحة، بحسب ما أكدته الأخيرة في بيانها، مشيرة إلى أنها ستوجّه إنذارًا إلى بلدية جعيتا المسؤولة حاليًا عن إدارة المغارة بموجب عقد موقت.

الوزارة أوضحت أنّ أي نشاط داخل المغارة يستوجب تقديم طلب مسبق، وهو ما لم يحصل، مضيفة أنّها تعمل على إعداد دفتر شروط جديد لإطلاق مزايدة علنية لإدارة الموقع قبل نهاية العام، بما يضمن الحفاظ على المعايير البيئية والتراثية الصارمة.

لكن ذلك لم يُخفّف من حدّة الانتقادات، إذ رأى ناشطون بيئيون أنّ إقامة زفاف في موقع بهذا الحساسية يشكّل "كارثة علمية وسياحية" على حدّ تعبيرهم، لأنّ المغارة بيئة دقيقة تتأثر بالضوء والضوضاء والرطوبة والازدحام.

ويُذكر أنّ هذا التعدّي هو الأول من نوعه في تاريخ المغارة منذ افتتاحها أمام الزوار، ما يجعل منه سابقة خطيرة تهدّد التراث الطبيعي اللبناني.

على خلفية هذه التطورات، تصاعدت الدعوات إلى مساءلة الوزراء المعنيين واتخاذ إجراءات فورية لحماية ما تبقّى من المعالم اللبنانية، مع مطالبة بإجراء تحقيق رسمي حول الجهات التي سمحت بهذا النشاط، إن كان بعلم أو بتغاضٍ من بعض الإدارات.

وفي وقت لا تزال وزارة السياحة تحاول امتصاص الغضب الشعبي، يبدو أن قضية "زفاف جعيتا" تحوّلت إلى رمز جديد لتقصير الدولة في حماية تراثها، وإلى اختبار جديّ لمدى قدرة المؤسسات الرسمية على فرض القوانين ومواجهة النفوذ والمصالح.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: