لينا البيطار – في فهرس النظام السجني اللبناني، هناك عبارة يتمّ تردادها عند نقل سجينٍ أو موقوفٍ من مكان توقيفه الى سجن أو نظارة أخرى لأسباب قد تكون أمنية أو تقنية بحتة تحت مسمّى “سجين بالأمانة”، فيقيم هناك الى حين انتفاء الأسباب الموجبة، وهذا بالتحديد ما حصل مؤخراً مع 1000 سجين وموقوف تمّ نقلهم أو بالحري “تكديسهم” في سجونٍ ومخافر أكثر أمناً على خلفية الحرب المستمرة منذ أيلول الماضي.
هؤلاء المساجين والموقوفين نقلوا، وفقاً لخطة طوارئ أعدتها قوى الأمن الداخلي منذ منتصف آب الماضي مع تزايد وتيرة الخطر المحدِق من جراء التهديد الإسرائيلي بقصف أماكن سكنية عدة ثم التوسّع بالقصف ومن ضمنها أماكن توقيف هؤلاء في الجنوب وبعلبك- الهرمل وضاحية بيروت الجنوبية، ما تسبّب بـ”نكبةً” إضافية تشهدها السجون اللبنانية راهناً مع أزمة الاكتظاظ القديمة- الجديدة المستفحلة، والتي ضاعفت نسبة الاستيعاب في السجون المركزية كافة 320% من بينهم 83% من الموقوفين من دون محاكمة، و43% من غير اللبنانيين.
مع تطور العمليات الميدانية منذ أكثر من شهرين ونيف، أُقفلت سجون صور وتبنين والنبطية وبعلبك وتجمّع نظارات الضاحية الجنوبية لبيروت مثل المريجة وحارة حريك والأوزاعي وبئر حسن وبرج البراجنة، وتمَّ نقل نزلائها الى سجون زحلة وجب جنين وراشيا والقبة في طرابلس ورومية الذي يضمَّ وحده أكثر من 3800 سجين وموقوف من أصل 8900، تبعاً لإحصاء مديرية السجون في وزارة العدل في مطلع العام الجاري، وذلك في كافة السجون وأماكن التوقيف البالغ عددها 19 سجناً للرجال و4 للنساء وسجن للأحداث وآخر للقاصرات، علماً أن العدد قد انخفض الى 6700 سجين مؤخراً.
إفراغ السجون ومراكز التوقيف المهدّدة أمنياً أتى كحلٍّ “ترقيعي” على جري العادة من دون الوصول الى حلول جذرية تخفّف من عبء الاكتظاظ الذي يحوّل السجون من أماكن للإصلاح الى بقعة موبوءة غير صالحة للعيش البشري، علماً أن جزءاً من الحلّ يتمثّل راهناً بتطبيق التعميم القضائي الصادر عن النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار والذي طلب فيه تسهيل إجراءات تقديم أي مدعى عليه موقوف طلبات تخلية سبيله وتأمين وصولها الى المرجع القضائي المختص عبر تطبيق المادة 108 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، ما يتيح إطلاق سراح نحو 1200 موقوف، وذلك في إطار تحسين القدرة الاستيعابية للسجون.
النازحون خارج السجون بلغوا عشرات الآلاف، وداخلها أكثر من ألف، والنتيجة واحدة سجونٌ “خرجت من الخدمة” منذ زمن ومثلها خرجَ وطنٌ بكامل مساحته تحت وطأة العدوان من جهة والتفرّد والتعنّت بمصائر شعبٍ حزينٍ وسجين من جهة أخرى.