في تشرين الثاني من العام 1970 قام حزب البعث بإنقلاب عسكري في سوريا، تحت عنوان” الحركة التصحيحية”، قاده حينذاك وزير الدفاع وعضو القيادة القطرية بحزب البعث حافظ الأسد، ورئيس الأركان السوري مصطفى طلاس والعديد من الضباط البعثيين الموالين للأسد، عيّن على أثرها أحمد الحسن الخطيب رئيساً للجمهورية لوقت محدّد، وفي مطلع العام 1971 انتُخب الأسد رئيساً لسوريا بأغلبية شعبية، نتج عنها حكم ديكتاتوري إستبدادي غير مسبوق بالإجرام والقتل وإغتيال كل مَن لا يوافقه الرأي.
إستمر حكم حافظ الاسد حتى وفاته في حزيران 2000 ومن ثم كانت الوراثة لنجله بشار الذي لم يختلف عن والده بالبطش، فكان عنواناً لتلك المرحلة التي بدأت بعد شهر من وفاة والده وإمتدت لغاية 8 كانون الاول 2024، اليوم المجيد لسوريا ولبنان معاً.
لبنان الذي عانى على مدى 29 عاماً من الاحتلال السوري والنفوذ والسيطرة، تصدّت له المقاومة المسيحية ببطولة على مدى سنوات، حتى تاريخ خروجه من لبنان على وقع ثورة الارز وإغتيال الرئيس رفيق الحريري، مع ما سبقه وتبعه من إغتيال مسؤولين وشخصيات سياسية معارضة للنظام السوري.
هذا السقوط المدوي على أيدي الفصائل السورية المعارضة، أنهى الحكم الدموي خلال ايام معدودة، فإنهار النظام الذي كان يتبجّح بالقوة فإذا بها لكرتونية لم تصمد ساعات، وبأبواق مهمتهم الدفاع عن القتلة والمجرمين لقاء حفنة من المال، هذه الأبواق تهاوت اليوم كما تهاوت مع سقوط حزب الله قبل فترة وجيزة، ومَن كان يحوّل الهزائم الى إنتصارات لن يستطيع بعد اليوم إكمال مسرحيته، لانّ الستارة أُسدلت وهواة التمثيل تفرّقوا وسقطوا بالضربة القاضية.
في الامس سقط الحزب الالهي، واليوم سقط حكم البعث الدموي، وغداً سيتواصل سقوط محور الممانعة.
اليوم سوريا حرّة وعهد جديد مرتقب، الاحتفالات تعّم سوريا ولبنان وبعض الدول التي تحوي مواطنين سوريين، يحتفلون على طريقتهم يهتفون شعارات الحرية والنصر التي لم يعرفوها منذ 54 عاماً من السكوت والخوف والقيود المفروضة عليهم، لا شك في انّ حكم الطاغية إنتهى، ففتحت السجون وخرج المعتقلون منذ عقود، في إنتظار خروج المعتقلين اللبنانيين في القريب العاجل.
انه الربيع السوري عن حق وحقيقة، انه ربيع لبنان أيضاً، إنتقمت عدالة السماء للشهداء والضحايا والمظلومين والمخفيين والمفقودين، فتحية إجلال لهؤلاء الابطال.
سياسياً ستهيمن حالات الإنكار من قبل الفريق الممانع الذي لم يصدّق بعد، او لا يريد ان يصدّق انّ حكم الطغاة سقط، لا شكّ في انّ الإصرار على وقف إطلاق النار قبل اسبوع بين إسرائيل وحزب الله، كان هدفه التفرّغ لتحرير سوريا، والقضاء على خطوط إمداد السلاح الى “الحزب”، وإطلاق رساله له مفادها انه بقي وحيداً في الساحة وعليه تسليم سلاحه وإلا…
انّ تغيير النظام في سوريا يريح لبنان، ويُضعف “الحزب”، وبالتالي يمهّد لإنتخاب الرئيس المناسب والمنتظر من قبل اللبنانيين، مما يؤكد بأنّ لبنان مقبل على مرحلة جديدة ولا شك في انّ لبنان الجديد آت…