سلام.. قدرة قيادية تُعيد الدولة إلى مكانتها الطبيعية

salam

تشهد الساحة اللبنانية اليوم تقلّبات على المستويين الداخلي والإقليمي، ينطبق عليها المثل القائل: "من تأخّر عن القافلة، بقي في الصحراء"، وفي هذا المشهد المتسارع، اختار رئيس الحكومة نواف سلام أن يقود القافلة نحو برّ التفاوض والاستقرار، الأمني والسياسي ومستقبل اقتصادي مزدهر.

لا يملّ سلام من تأكيد سيادة الدولة وحماية أمنها واستقرارها، ولم يتوانَ يوماً عن دعم الطاقة الشبابية اللبنانية التي يراها ركيزة المستقبل المزدهر الذي يستحقه لبنان.

ومنذ تولّيه رئاسة مجلس الوزراء، حمل سلام راية إعادة لبنان إلى الحضن العربي، واضعاً هذا الهدف في صميم رؤيته السياسية، لم يكتفِ بالخطاب، بل ترجم التوجه إلى خطوات عملية عززت الثقة في لبنان. وقد تبيّن ذلك بوضوح بالانفتاح المتبادل مع العواصم العربية، ولا سيما المملكة العربية السعودية، التي شكل دعمها لمواقفه تأكيداً للثقة بنهجه وحرصه على استقرار لبنان والتزامه بتطبيق الاتفاقيات الدولية.

هذا التوجه المتوازن الذي يقوده سلام أعاد وصل ما انقطع بين لبنان وعمقه العربي، ورسخ قناعة بأن استقرار لبنان لا ينفصل عن بيئته العربية، وأن التعاون الصادق مع الأشقاء هو السبيل الوحيد لاستعادة دوره الطبيعي على الساحتين الإقليمية والدولية.

وفي موازاة الملف الداخلي، يتعاطى سلام مع ملف التفاوض مع إسرائيل بواقعية ومسؤولية عالية، واضعاً المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار. فهو يدرك أن استعادة الحقوق لا تتحقق بالشعارات، بل عبر استراتيجية تفاوضية متماسكة تحمي سيادة لبنان وتثبت حدوده البرية والبحرية ضمن الأطر القانونية والديبلوماسية المعترف بها دولياً.

من هذا المنطلق، يسعى سلام إلى إدارة هذا الملف بحكمة، بما يضمن للبنان كامل حقوقه في موارده الطبيعية، من دون الانجرار إلى أي مواجهة أو تنازل عن الثوابت الوطنية.

هذا التوجه يعكس نهجاً جديداً في التعاطي مع الملفات الحساسة، يقوم على الجمع بين الحزم في الدفاع عن السيادة والنهج الواقعي في الانفتاح على الحلول العملية التي تحفظ مصلحة لبنان العليا وتؤمن استقراره على المدى الطويل.

كما أن رد سلام، وإن بشكل غير مباشر، على الكتاب المفتوح الذي كان وجهه حزب الله للرؤساء الثلاث، حمل في طيّاته موقفاً حازماً وواضحاً، شكّل منعطفاً في ميزان السلطة الداخلي. فقد استطاع، من خلال لغة مسؤولة ومدروسة، أن يجرّد "الحزب" من تفرده بسلطة القرار الوطني، ويعيد التأكيد أن القرار السيادي يجب أن يصدر من مؤسسات الدولة وحدها.

هذا الموقف لم يكن مواجهة صريحة بقدر ما كان استعادة هادئة ومتزنة لهيبة الدولة، ورسالة بأن زمن التفرّد بالقرار انتهى، وأن لبنان يدخل مرحلة جديدة يرسم فيها المسار الوطني بإجماع مؤسساتي، لا بإملاءات أو موازنات قوى.

مالياً واقتصادياً، يواصل سلام نهجاً متزناً وواقعياً في معالجة الملفات المالية الدقيقة، بالتعاون الوثيق مع وزير المال ياسين جابر ووزير الاقتصاد عامر البساط وحاكم مصرف لبنان كريم سعيد. كما يتابع عن كثب مسار التعاطي مع صندوق النقد الدولي، واضعاً نصب عينيه مصلحة لبنان أولاً، وضرورة تحقيق توازن بين متطلبات الإصلاح وثبات الاقتصاد.

أما في ما يتعلق بقانون الفجوة المالية، فيعمل سلام على إتمامه بروح توافقية، تضمن عدم الإضرار بأي طرف من الأطراف الاقتصادية، وتراعي الظروف الاجتماعية والمالية للمودعين والمؤسسات على حد سواء. هذا النهج الحذر والواعي يعكس حرصه على مقاربة الملف المالي بروح المسؤولية، بعيداً من الشعبوية، وبما يوفق بين العدالة الاقتصادية واستمرارية الدولة ومصارفها ومؤسساتها.

إنها خطوات مدروسة نحو استقرار طويل الأمد ونهوض مستدام، تعكس رؤية سلام كرجل دولة يعرف كيف يوازن بين الحزم والواقعية، ويُحوّل المبادئ إلى أفعال. من خلال هذا المسار، يضع سلام مصلحة الدولة والشعب اللبناني في صلب أولوياته، مبتعداً عن التجاذبات والانقسامات، ومتمسكاً بإعادة لبنان إلى مساره الطبيعي كدولة سيادية مستقرة وفاعلة على المستويين العربي والدولي.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: