"سوريا الشرع" أمام الامتحان الصعب

syria-israel-r5icxjugzc4r6bg7g14g24rmqvqpiz43hl10cwmw4g

كتب جورج ابو صعب:

يعيش الملف السوري مرحلة صعبة ودقيقة مزدوجة التحديات: التحدي الداخلي بقدرة الرئيس أحمد الشرع على بسط سلطة الدولة والقانون والأمن والاستقرار، والتحدي الخارجي بالإقدام على ولوج باب التفاوض مع الإسرائيلي انطلاقاً من ترتيبات أمنية وصولاً إلى سلام.

واشنطن كما تل أبيب مدركتان أهمية عدم السماح بسقوط النظام الجديد، خاصة وأن البديل سيكون عودة النفوذ الإيراني من جهة، وتقوية النفوذ التركي الموازي من جهة أخرى، وهما أمران لا يرضيان العاصمتين الحليفتين.

واشنطن كما تل أبيب تنظران، ولو انطلاقاً من أجندات مختلفة لكل منهما، إلى الوضع السوري الداخلي بشيء من القلق المشترك، لا سيما وأن الرئيس الشرع في مواجهة مكشوفة في الداخل مع تحديات ليس أقلها توطيد الحكم والنظام والأمن والاستقرار، في ظل ما يُسجَّل من أحداث، ليس أقلها وجود انقسامات خطيرة بينه وبين حلفاء له حول تحالفه مع الأميركي والغرب من جهة، وحول سحب السلاح غير الشرعي من فصائل محسوبة على معسكره من جهة أخرى.

كل هذا يأتي في ظل محاولات داعشية للعودة إلى الساحة السورية من الجنوب، مدعومة بالتأكيد من الإيراني الذي لا يوفر ورقة له إلا ويزجّ بها لزعزعة الوضع الداخلي وإيجاد ثغرات يمكنه النفاذ منها والعودة إلى الساحة السورية.

واشنطن ترعى حالياً التفاوض الأمني بين دمشق وتل أبيب لإنهاء النزاع بين البلدين، والرئيس ترامب يضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لخوض غمار التفاوض المباشر مع الرئيس أحمد الشرع، الذي رفض في مرحلة أولى مطلباً إسرائيلياً بمنطقة منزوعة السلاح بين جنوب دمشق والحدود الجنوبية، فيما إدارة الرئيس ترامب لا تريد من الإسرائيلي أن يضغط عسكرياً كثيراً على الشرع تفادياً لسقوطه، وهي (واشنطن) تحتاجه معافى مستعداً لدخول نادي "اتفاقات أبراهام".

فمما لا شك فيه أن الملف السوري سيكون على طاولة اللقاء بين الرئيس ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو في التاسع والعشرين من الشهر الحالي، لمحاولة توحيد الرؤية أولاً، والتي تبدو متناقضة في أولوياتها بين الطرفين، ولمحاولة رسم استراتيجية تحفظ مصالح إسرائيل في سوريا، وخاصة جنوبها، من دون تعريض النظام الجديد للخطر. ومن هنا إمكانية أن يتم الاتفاق على إعادة تفعيل اتفاقيات فصل القوات للعام 1974 كإحدى الخيارات المطروحة، والتي يوافق عليها الرئيس الشرع.

مستقبل الدولة السورية على المحك، ووحدتها تحت الاختبار، سواء في الجنوب الدرزي أو الشمال الكردي أو الساحل العلوي، فضلاً عن مصالح إسرائيل الأمنية أولاً والاستراتيجية ثانياً. وواشنطن تدعم الشرع ونظامه، وهذا ما دفع موفد الرئيس دونالد ترامب إلى سوريا، توم براك، إلى رسم خطوط حمراء لنتنياهو أثناء لقائهما الأخير تحدّ من نشاط إسرائيل المعادي لنظام الشرع، وإفهام الإسرائيليين أن أحمد الشرع حليف إدارة ترامب، وعلى إسرائيل التأقلم مع هذه الحقيقة.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: