مع تعاظم الاهتمام بالآلية الدولية – اللبنانية المعروفة بـ"الميكانيزم" المخصّصة للإشراف على تثبيت وقف الأعمال العدائية في الجنوب، برز اسم السفير السابق سيمون كرم بعد تكليفه رسميًا من رئاسة الجمهورية لتمثيل لبنان في هذه اللجنة الحسّاسة، التي تتطلب خبرة سياسية وديبلوماسية وقدرة على إدارة ملفات معقّدة أمام الأطراف الدولية.
يُعدّ سيمون كرم واحدًا من الديبلوماسيين اللبنانيين البارزين. وُلد في جزين عام 1950، وتخرّج من جامعة القديس يوسف في بيروت حاملاً إجازة في الحقوق قبل أن يبدأ مسيرته في السلك الديبلوماسي التي أوصلته إلى موقع سفير لبنان في الولايات المتحدة الأميركية بين عامي 1992 و1993. بعد انتهاء مهمته في واشنطن، عاد إلى بيروت حيث واصل عمله في المحاماة، مكتسبًا خبرة قانونية واسعة عزّزت حضوره في الشأن العام.
على امتداد سنوات، عرف كرم بمواقفه السياسية المؤيدة لاستقلالية القرار اللبناني، وبرز كأحد الأصوات التي دافعت عن مبدأ الحياد ورفض جرّ لبنان إلى صراعات إقليمية. كما كان جزءًا من الجسم السياسي الذي عبّر عن ضرورة تعزيز دور الدولة ومؤسساتها وحصر السلاح بيدها، ما جعله شخصية يُنظر إليها بوصفها تحمل مقاربة سيادية منضبطة وواقعية في آن.
اليوم، يأتي تكليفه بالانضمام إلى لجنة "الميكانيزم" ليعكس حرصًا رئاسيًا على الاستعانة بشخصية تمتلك توازنًا بين الخبرة الدبلوماسية والرؤية السياسية. إذ إن اللجنة، التي تضم ضباطًا ودبلوماسيين من جهات دولية فاعلة، تتطلب ممثلًا قادرًا على التفاوض، صياغة المواقف، والتواصل مع الأطراف الدولية بما يحفظ المصلحة اللبنانية في مرحلة دقيقة.
ويُنظر إلى دور كرم داخل هذه اللجنة على أنه خطوة تهدف إلى إضفاء جدّية أكبر على الموقف اللبناني الرسمي، خصوصًا في ظل ضغوط دولية متزايدة لترسيخ الهدوء ومنع الانزلاق إلى مواجهة واسعة.
فوجود سفير سابق صاحب سجلّ سياسي واضح قد يسهم في تعزيز قدرة لبنان على الدفاع عن موقعه في النقاشات المتعلقة بآليات وقف إطلاق النار، وشروطه، ومتطلبات تنفيذه.
بهذا، يعود سيمون كرم إلى واجهة العمل العام من بوابة دبلوماسية – أمنية دقيقة، في مهمة تتخطّى الطابع البروتوكولي لتلامس صلب الاستقرار الوطني، في مرحلة تحتاج فيها الدولة اللبنانية إلى أصوات خبيرة تعرف كيف تتعامل مع المجتمع الدولي وتحمي مصالح لبنان العليا.