لا يعدو سيناريو الهجوم والتركيز على جهة وحيدة في معرض الحديث عن حقوق المودعين وأزمة الودائع والمليارات الضائعة والقطاع المصرفي المنهار، سوى حلقة جديدة قديمة، تهدف إلى ملء الوقت الضائع وتشتيت الإهتمام في الشارع من خلال تصويب أصابع الاتهام إلى الهندسات المالية، بدلاً من الإشارة إلى الأزمة الفعلية والتي لا تزال أولاً وأخيراً الخطة القاضية بشطب الودائع.
ومن الناحية النظرية، تشير مصادر إقتصادية مطلعة، إلى أن الودائع موجودة في المصرف المركزي، ولكن من الناحية العملية، فإن ما تبقى من هذه المليارات لا يتعدى العشرة مليارات والتي يتم الإعلان عنها.
وتلفت هذه المصادر إلى ان معالجة أزمة الودائع والخطوة الأولى الأساسية في مسيرة التعافي تبدأ باستعادة الثقة بالقطاع المصرفي، كما بالإصلاح وإعادة هيكلة القطاع المصرفي وبتحديد السعر الحقيقي للدولار المصرفي وبالتالي التخلي عن سعر ١٥ الف ليرة وتحديد سعر قريب من السعر الرسمي، وهو ما كان قد قام به في السنوات الماضية الحاكم السابق رياض سلامة مع إصداره التعميم رقم ١٥١، والذهاب نحو سعر جديد للدولار المصرفي الذي يجب ان يكون ٨٩.٥٠٠ ليرة.
فالمودع يخسر من وديعته مع كل شيك مصرفي يصرفه في السوق السوداء ما نسبته ٨٨ بالمئة من قيمته، وذلك كون ما يحصل عليه المودع لا يتخطى ١٢ بالمئة، لأن السحوبات بـ”الدولار المصرفي ما زالت” وفق سعر ١٥ الف ليرة ولو من دون ان يتم التجديد للعمل بالتعميم ١٥١.
ولكن عوضاً عن هذه المقاربة الضرورية المطلوبة، فإن المصادر تشير إلى ضبابية مقصودة وغموض متعمد وذلك بهدف استمرار تعميم الفوضى النقدية، كما حصل في العام ٢٠١٩ عبر الوقوف بوجه صدور قانون الكابيتال كونترول، كما عبر تركيز الحملات السياسية على مليارات “أوبتيموم” الموجودة أصلاً في المركزي ثم إثارة ملف شركة “فوري”، علماً أن هذه الشركة متوقفة منذ العام ٢٠١٥ ومنذ ما قبل الانهيار في ٢٠١٩ وانتخاب الرئيس السابق ميشال عون في ٢٠١٦.