في معرض قراءتها للمشهد العام بعد مرور عام على إطلاق “حزب الله” حرب الإلهاء بوجه إسرائيل لمساندة غزة، ترى مرجعية سياسية أن المأساة نفسها تتكرر في لبنان الذي يواجه سيناريو غزة، الذي لطالما حذر منه أكثر من طرف داخلي وعلى وجه الخصوص قوى المعارضة التي تنبهت للخطر الماثل بتحكم إيران من خلال الحزب بالإستحقاقات الدستورية، والتركيز على أولويات إقليمية ولو على حساب تدمير لبنان بفعل الأطماع الإسرائيلية بلبنان.
وتكشف المرجعية السياسية لموقع LebTalks أن الحرب التدميرية التي يشهدها لبنان اليوم، قد تعرضت لها غزة التي أبادها بنيامين نتنياهو “المتفلت” من أي قواعد على المستوى الدولي. فعملية “طوفان الأقصى” التي أرادتها حركة “حماس” ومحور إيران في المنطقة، أن تكون حدثاً يحقق تقدماً لإيران على طاولة المفاوضات مع واشنطن حول برنامجها النووي، قد حققت نتائج عكسية.
وكانت المفاجأة أن نتنياهو تلقف “الطوفان” من أجل القيام باجتياح كامل لقطاع غزة والقضاء على “حماس”، ما أحبط خطط المحور التي كانت تراهن على عملية انتقامية اسرائيلية محدودة تتكرس فيها زعامة ايران عبر “حماس” كلاعب على الساحة الفلسطينية.
وهذا السيناريو ينطبق بشكل كامل على حرب إسرائيل على الحزب في لبنان، حيث تشير المرجعية إلى أن ايران والحزب قررا فتح جبهة لبنان، اعتقاداً منهما أن المواجهة ستبقى مضبوطة بقواعد اشتباك “وهمية” ولن تدوم أكثر من بضعة أسابيع، يكرس بعدها الحزب هيمنته الكاملة على لبنان ويسكت أصوات المعارضة ويفرض بالقوة خياراته السياسية على كل اللبنانيين بعد “انتصاره” على إسرائيل وفق ما كان يتوقع.
إنما الحزب، وبعد ١١ شهراً من حرب الإستنزاف للبنان وليس لإسرائيل، والخسائر التي لحقت باقتصاد لبنان وتهديد أمن اللبنانيين، قد صعق بدوره من استغلال نتنياهو لهذه الجبهة التي فتحها الحزب نفسه، لكي يشن عدواناً على لبنان بذريعة الدفاع عن نفسه بوجه الحزب الذي جاهر بإعلان الحرب بحجج وذرائع غير مقنعة، حيث ثبت سوء تقدير قيادته ولكن بعد فوات الأوان، وإن لم يعترف بذلك بعد علماً ولكن مواقفه تدل كلها على ذلك.
ومع مرور أسبوع على صدمة الحزب بالعدوان، كانت المبادرة من قبل الثنائي الشيعي لتمرير استحقاق رئاسة الجمهورية قبل انقشاع المشهد على مستوى الإنتخابات الاميركية وحرب نتنياهو في غزة ولبنان، ولكن المعارضة قد أسقطتها كما تقول المرجعية السياسية، التي لا تخفي أن الثنائي الذي كان يعد للإطباق على لبنان بترسانة من الصواريخ المخبأة في المناطق اللبنانية ، قد اصطدم برفض اللبنانيين هذه الخيارات الخاطئة التي عرضت لبنان على كل المستويات للكوارث والانهيارات وصولاً إلى استجلابه خطر الاجتياح الاسرائيلي للجنوب.
ولم تقتصر المفاجآت التي سجلت أخيراً على أوساط هذا الثنائي وحلفائه على الساحة الداخلية وحتى بيئته المصدومة من سرعة سقوطه، حيث أن قوى المعارضة أيضاً كما سائر اللبنانيين، قد ذهبوا جراء انكشاف حجم الأسلحة والصواريخ التي يحتفظ بها الحزب والتي هي بالطبع مخصصة للداخل، كونه لم يستخدمه في حرب الإلهاء على مدى عام مع إسرائيل، ذلك أن فائض القوة هذا كان سيستخدم ضد أبناء البلد وكل الذين لا يشاركون الثنائي الشيعي مشاريعه وخياراته السياسية وقرارته بالإنحياز للمحور الإيراني ولو على حساب تدمير لبنان كما هي الحال اليوم.