يتواصل التفاعل مع حادثة مقتل الشاب إيليو أرنستو أبو حنا التي شكلت صدمة في الشارع اللبناني، بعدما فتحت النقاش مجدداً حول مسألة السلاح غير الشرعي داخل المخيمات الفلسطينية وشرعية الحواجز المنتشرة عند مداخلها.
غير أن التطورات الأخيرة تشير إلى أن هذه الحادثة لم تمر مرور الكرام، إذ دفعت القوى اللبنانية المعنية إلى اتخاذ خطوات عملية لتصحيح الوضع الأمني في مخيم شاتيلا، الذي يتهيأ اليوم لمرحلة جديدة عنوانها نزع السلاح بشكل جدّي وتنظيفه من آفة المخدرات.
مصادر مطلعة أكدت لموقع lebtalks أن القرار الذي يجري العمل على تنفيذه جاء بعد سلسلة اجتماعات ومداولات بين الفصائل الفلسطينية كافة والأجهزة اللبنانية الرسمية، خلصت إلى توافق واضح على إنهاء حالة الفوضى التي تفاقمت داخل المخيم في السنوات الأخيرة، وفتح الباب أمام خطة ميدانية دقيقة تستهدف أوكار المخدرات والشبكات التي حولت شاتيلا إلى ساحة استغلال للشباب، مع ملاحقة كل من يثبت تورطه في تجارة أو ترويج هذه المواد.
وبحسب المصادر القرار سيشمل أيضاً ضبط السلاح العشوائي وتفكيك الحواجز غير الرسمية التي كانت في بعض الأحيان تثير حساسيات داخلية، مع وضع آلية تنسيق مباشرة بين الفصائل والسلطات اللبنانية تضمن حصر المتابعة الأمنية بالجهات المعنية، ومنع أي تصرف فردي يمكن أن يهدد الاستقرار.
وقد باشرت القوى الأمنية المشتركة في المخيم، بإشراف مباشر من اللواء بحري العبد إبراهيم خليل، استعداداتها لتنفيذ المرحلة الأولى من الخطة، وسط استنفار واسع لقوات الأمن الوطني الفلسطيني وتعاون ميداني مع الأجهزة اللبنانية.
وتضيف المصادر عينها: هذه الخطوات، وإن كانت ذات طابع أمني في ظاهرها، إلّا أنها تحمل في مضمونها بعداً اجتماعياً أعمق، إذ يتفق الجميع على أن القضاء على المخدرات لا يتحقق فقط بالمداهمات، بل عبر معالجة الأسباب التي تغذيها.
على الجانب اللبناني، ينظر إلى ما يجري في شاتيلا كاختبار حقيقي لقدرة الدولة على استعادة حضورها داخل المخيمات، خصوصاً أن الدولة اللبنانية تؤكد أن الهدف ليس المس بحقوق اللاجئين أو خصوصية المخيمات، بل تثبيت مبدأ أن الأمن مسؤولية لا يمكن تركها لعناصر مسلحة خارج سلطة القانون، رغم أن الفصائل الفلسطينية، قد أظهرت التزاماً واضحاً بتنفيذ القرار، معتبرة أن حماية المخيم وأبنائه من الانفلات أولوية وطنية وإنسانية.
ورغم المناخ الإيجابي الذي رافق إعلان القرار، تبقى تحديات التنفيذ كبيرة، خصوصاً في ما يتعلق بضمان استمرار الخطة ومنع عودتها إلى المربع الأول، بالتالي نجاح التجربة يتطلب توازناً بين الحزم الأمني والمعالجة الاجتماعية، وبين تطبيق القانون والحفاظ على الكرامة الإنسانية للسكان، وعلى قناعة راسخة بأن لا أمن حقيقي مع السلاح غير الشرعي، ولا استقرار دائم بوجود المخدرات.
إذا نجحت هذه الخطة في تحقيق أهدافها، فقد تفتح الباب أمام سياسة لبنانية - فلسطينية جديدة في إدارة ملف المخيمات، يكون فيها مخيم شاتيلا نقطة انطلاق نحو مرحلة عنوانها الأمان، حيث يتحول القرار بنزع السلاح من كافة الفصائل الفلسطينية، من إجراء أمني إلى مشروع حياة لسكان المخيم ومحيطه.