ضربة اوروبية موجعة ضد روسيا.. هل بات النفط في خطر؟

78943

في خطوةٍ تؤكد إصرار الاتحاد الأوروبي على مواصلة الضغط الاقتصادي على موسكو، أقرّت دول الاتحاد الحزمة التاسعة عشرة من العقوبات ضد روسيا، مركّزة هذه المرة على قطاعي النفط والغاز الطبيعي المسال، اللذين يُعدّان شريان الاقتصاد الروسي ومصدر تمويل رئيسي للحرب المستمرة في أوكرانيا منذ أكثر من ثلاث سنوات.

تصعيد مدروس في سياسة العقوبات

منذ اندلاع الحرب في شباط 2022، اعتمد الاتحاد الأوروبي سلسلة متتالية من الحزم العقابية شملت قطاعات الطاقة، المال، التكنولوجيا، والنقل، إضافة إلى مئات الشخصيات السياسية والاقتصادية الروسية. ومع كل حزمة جديدة، يتقدّم الأوروبيون خطوة إضافية نحو استهداف البنية العميقة للاقتصاد الروسي، في محاولة لتقليص قدرته على تمويل المجهود العسكري.

أما الحزمة التاسعة عشرة، فهي تختلف في عمقها وتأثيرها، إذ تطال هذه المرة أحد أكثر الملفات حساسية: الغاز الطبيعي المسال (LNG)، وهو أحد المجالات القليلة التي نجحت موسكو في الحفاظ على صادراتها منها رغم القيود السابقة.

ما هي أبرز بنود الحزمة الجديدة

تشمل العقوبات الجديدة حظراً تدريجياً على استيراد الغاز الطبيعي المسال الروسي، ومنع الشركات الأوروبية من إعادة تصدير هذا الغاز إلى دول أخرى عبر موانئ الاتحاد. كما تقضي بفرض قيود إضافية على ما يُعرف بـ"أسطول الظل" الروسي، أي شبكة السفن التي تُستخدم للتحايل على العقوبات النفطية ونقل الخام بطرق غير مباشرة.

إلى جانب ذلك، توسّعت القائمة السوداء لتشمل شركات ومؤسسات مالية روسية، إضافة إلى وسطاء في دول أخرى يُشتبه بمساهمتهم في الالتفاف على القيود المفروضة على التجارة الروسية.

هل من أبعاد للقرار الأوروبي؟

يعكس القرار الأوروبي الجديد إصرار بروكسل على تقليص عائدات الطاقة الروسية، التي لا تزال رغم القيود السابقة تمثّل نحو ثلث إجمالي إيرادات موسكو من العملة الصعبة. وبهذا، يهدف الاتحاد إلى تجفيف أحد أبرز مصادر تمويل الحرب، وإرسال رسالة سياسية واضحة بأن أوروبا لا تنوي التراجع عن نهج العقوبات، بل تسعى إلى رفع كلفتها الاقتصادية على الكرملين.

لكن الخطوة تحمل أيضاً بعداً داخلياً أوروبياً؛ إذ تمثل جزءاً من سياسة "التحرر التدريجي" من الاعتماد على الطاقة الروسية، بعدما كانت دول الاتحاد تستورد قبل الحرب نحو 40% من احتياجاتها من الغاز من روسيا. اليوم، تعمل أوروبا على تنويع مصادرها بين الغاز الأميركي، القطري، والنرويجي، إضافة إلى تسريع الاستثمار في الطاقة المتجددة.

خطوة سياسية بامتياز

وإلى جانب بعدها الاقتصادي، تمثل الحزمة التاسعة عشرة خطوة سياسية رمزية تعكس وحدة الموقف الأوروبي في وجه الحرب الروسية، بعدما ظهرت في الأشهر الماضية مؤشرات على تباين مواقف بعض الدول الأعضاء حيال استمرار العقوبات. فقد شكّل اعتماد هذه الحزمة بالإجماع دليلاً على استمرار التوافق الأوروبي حول أولوية دعم أوكرانيا، رغم الضغوط الاقتصادية الداخلية.

يبقى السؤال الأهم: إلى أي مدى ستنجح هذه العقوبات في تحقيق أهدافها؟

التجارب السابقة أظهرت أن العقوبات تحتاج وقتاً لتؤتي نتائج ملموسة، لكنّ استهداف قطاع الطاقة بهذه الحدة يُتوقع أن يترك أثراً ملموساً على المدى المتوسط، خصوصاً إذا ترافق مع التزام صارم من الدول الأوروبية بعدم التراجع أو الالتفاف على القيود.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: