Search
Close this search box.

طرابلس حاضنة النزوح السوري.. فهل العمل على ترحيلهم جدّي أم “حكي”؟

lebtalks

طرابلس، النموذج الأول للوجود السوري في لبنان، بحيث أنها تستقطب أكثر من 3000 لاجئ سوري وتعاني الأمرّين جراء وجودهم وتنقلهم واحتلالهم للبيوت والوظائف، ولا يمكن الإغفال عن أن طرابلس قد خرّجت العديد من رجال السياسة والأعمال كرئيس حكومتنا “المصون” نجيب ميقاتي ووزير الداخلية بسام مولوي، وغيرهما من الأشخاص الذين لم يعيروها أي اهتمام.

القنبلة الموقوتة تسرح وتمرح بين سكان عاصمة الشمال، عاصمة رئيس “حكومة المليار”، التي تعاني من تكتّم كبير حول هذا الملف أكثر من سبب.

خوري: الشمال ترحب باللاجئين

وفي هذا الإطار، أوضح عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب إيلي خوري، في حديث لـ”LebTalks” أن “الوجود السوري في طرابلس يؤدي إلى تفاقم الوضع الأمني، وذلك لأن الحاجز الأمني لم يكن موجوداً منذ سنتين إذ كان مقبولاً ومعقولاً نسبة لوجود عددٍ كبيرة من النازحين السوريين عبر السنين”.

أضاف: “حضور السوريين بشكل غير شرعي زاد الأمر سوءاً، إذ يعملون بشكل غير شرعي وبكثافة واسعة جداً ما خلق احتكاكات ما بين اللبنانيين والسوريين في المدينة خصوصاً والشمال عموماً، على الرغم من أن الجو العام والبيئة الشمالية وخاصةً طرابلس ترحب باللاجئين السوريين نتيجة الأوضاع الأمنية والاقتصادية والحرب في سوريا”، مشيراً إلى أن “الضغط الإجتماعي – الاقتصادي على المواطنين أجمع أثر على فكرهم، إذ لم يعد من المسموح أن يتم تسميتهم بالشعب الشقيق وأنه من واجبنا أن نستقبلهم في بلادنا، فتفاقمت الأوضاع الحياتية واليومية والضغوطات الاجتماعية والاقتصادية والصحية والمالية، حتى التربوية أي على مستوى المدارس، فالضغوطات كبيرة ما يزيد الأعباء على اللبنانيين وتطغى على التعايش اللبناني  – السوري في المدينة”.

وقال خوري: “بعيداً من أي فئوية وتعصب، بشكلٍ عام طرابلس والشمال يرحبان بالنازحين السوريين”.

أما عن خطة نواب طرابلس للحد من هذه الآفة، قال خوري: “نعمل على مستويين: أولاً: على المستوى الأمني –  لمنع أي تدهور أو إحتكاك أمني نعمل مع السلطات الأمنية، مع الجيش اللبناني ووزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي، فعلى الصعيد الشخصي لدي إجتماعات دورية حيال هذا الموضوع خاصةً في منطقة القبة التي تعتبر فيها كثافة سورية أكثر من المناطق الأخرى، فبالتالي نتيجة مشاكل حصلت على المستوى الفردي ولكنها تشعبت أكثر، فعلى مستوى السلطات والجهات الأمنية نعمل بشكل دائم ومكثف حول هذه المشكلة لأن الأمور تزيد سوءاً، والقوى الأمنية تعمل من دون أي تقصير في المتابعة، لكن علينا أن نعلم أنها في ظرف حرج وإمكانياتها محدودة إلى حد بعيد بعد كل ما يحصل في البلاد والمؤسسات، على الرغم من أن هذه الأوضاع لم تمنعها من القيام بواجباتها.

ثانياً: على المستوى القانوني – تركزت الحملة التي قمنا بها كـ”الجمهورية القوية” على تصويب أوضاع اللاجئين غير الشرعيين في لبنان وعملية فرز السوريين الموجودين والمقيمين بشكلٍ غير شرعي وقانوني والعمل على عودتهم إلى بلادهم.

على هذا المستوى، ننسق مع البلدية ومع رئيسها د. رياض يمق، إذ نتابع كنواب وجهات سياسية تطبيق مقررات وتعميم وزارة الداخلية في كافة المناطق بما فيها طرابلس، وهذا الأمر ينفّذ، فأي معاملات أو إفادة سكن أو وثيقة تُطلب من البلدية  لا تعطى لأي لاجئ سوري أو غير سوري وجوده غير شرعي وقانوني، إذ نتابع هذا الملف بشكلٍ يومي”.

وتابع: “نحاول من تخفيف هذا الضغط ومخاطر الإشتباك الأمني والكثافة الطلابية في المدارس التي تؤثر سلباً على الطلاب اللبنانيين”.

حافظ: علينا التمييز بين المخالف والقانوني

أوضح رئيس شرطة البلدية في طرابلس ربيع حافظ، في حديث لـ “LebTalks”، أنه “لا يوجد أي إحصاءات رسمية عن نسبة عدد النازحين السوريين في طرابلس”، مشيراً إلى أن “العدد لا يقل عن 300 أو 400 ألف نازح”.

وقال: “السوريون الموجودون في طرابلس مرتبطون بالمواسم، فيوجد المقيمين الدائمين والمتنقلين”.

وأردف: “نعمل على الإحصاءات لمعرفة عدد الوجود السوري في قلب طرابلس”، كل البنة التحتية في المدينة مستهلكة بسبب العدد الكبير للسوريين المقيمين فيها، من الكهرباء والمجاري بالإضافة إلى ارتفاع نسبة النفايات المرمية على الطرقات”.

وفي ما خص اجراءات حل هذه الآفة، أشار حافظ، إلى أنه “يجب أن تتم الجهود من كل الأجهزة الأمنية، فعلى شرطة البلدية وقوى الأمن تحمل هذه المسؤولية”، موضحاً أن “كل الأجهزة على علم بالواقع الخاص في طرابلس، الواقع الديموغرافي الحاضن للوجود السوري”.

وأكمل: “النازح السوري قادر على تسجيل أوراقه في البلدية وحق الإيجار”، مضيفاً: “للبلدية الحق في طلب إذن للمؤازرة الأمنية من قبل القوى الأمنية لتسكير المحال التي يشغلها السوريون”، متأسفاً “أن هذا القرار لم يتخذ بعد”.

ولفت إلى أن “مديرية الأمن العام وأمن الدولة تتابعان هذا الملف وتتحملان المسؤولية أما نحن كشرطة بلدية لم ندخل في هذا الموضوع بعد”.

كما أشار إلى أنه “لا يمكننا غض النظر عن المصالح التي يشغّلها السوريون في لبنان ومن دونهم ستتوقف انتاجيتها، فاليد العاملة السورية عمرها أكثر من مئات السنين، فيجب علينا التمييز بين المخالف والقانوني”.

وقال: “واقع مدينة طرابلس يختلف عن واقع المناطق الأخرى في لبنان، ويجب علينا العمل بحكمة لتصدي هذه الأزمة بطريقة حل صحيحة، فلبنان من الأكثر تأثراً في الحرب السورية”، مضيفاً: “لذلك الوجود السوري زاد، بشكل سلبي بسبب تأثره على الاقتصاد اللبناني وعلى اليد العاملة اللبنانية، ومن ناحية إيجابية أيضاً ولكن بنسبة ضئيلة، لأن هناك بعض الأعمال المعروفة التي يمتهنها السوريون ولا يقم بها أي لبناني”.

ودعا إلى “تطبيق القانون على الجميع وبشكل صحيح، فواجب على السوري أن يحظى بإقامة وأوراق قانونية ليكون وجوده شرعياً في البلاد، وفي حال خلافه لها الأمور، فعلى الأجهزة الأمنية العمل على الموضوع وفي طليعتها البلدية”، موضحاً: “لذلك يجب العمل على حل هذه الأزمة بترّوٍ وليس بطريقة مستفزة وهجومية فالبلد لم يعد يحتمل المزيد من المشاكل”.

الأيوبي: بشار الأسد يستفيد من النازحين في لبنان

 من جهته، أشار الصحافي أحمد الأيوبي، في حديث لـ”LebTalks”، إلى أن “ملف النزوح أو الوجود السوري في طرابلس هو ملف مركّب ومعقّد لعدة أسباب، أبرزها ما يتعلّق بآداء بلدية المدينة”، لافتاً إلى أنها “تعرضت للكثير من التصدعات والخلافات وتبدّل الرئاسات، ما بين الطعن برئاسة رئيس البلدية السابق رياض يمق، ثم أحمد قمر الدين، وبعدها عودة يمق إلى رئاسة البلدية، بالإضافة إلى الخلافات العميقة بين أعضاء المجلس البلدي”.

ولفت إلى أن “الانقسامات الكبيرة بين الأعضاء، عطّلت تنفيذ القرارات الكبرى والأساسية، بما في ذلك تنظيم شؤون المدينة، سواء في ما يتعلّق بالبسطات أو سوق الأحد أو حتى بعض الأشخاص المحسوبين على مرجعيات سياسية معينة، التي تُشكّل احتلالاً دائماً للأرصفة والأماكن العامة”، قائلاً إن “هذه الأمور أصبحت مشكلةً مزمنة تعاني منها طرابلس منذ أكثر من 6 سنوات”.

وأضاف: “كل هذه التصدعات انعكست بشكل كبير على ملف النزوح السوري”، مشيراً إلى أنه “يتردّد باستخدام كلمة نزوح، لأنه من المفترض أن يكونوا لاجئين في لبنان بدلاً من نازحين، إذ إن النزوح كلمة تُستخدم عند انتقال الشخص داخل البلد الواحد، أما اللجوء فهو عندما يعبر الأشخاص الحدود بين دولتين”، معتبراً أن “رفض تسمية اللجوء واستبدالها بالنزوح في لبنان لها بعد سيادي، بحيث أن المنظومة الحاكمة في البلد المُسيطر عليها من قبل حزب الله مصرّة على استخدام مصطلح النزوح”.

وعما إذا كان هناك اتفاقات سرية، أو إذا كانت العلاقات الشخصية لها ذريعة بالموضوع، قال الأيوبي: “العلاقات الشخصية متوترة بين رئيس بلدية طرابلس رياض يمق ومولوي ومحافظ الشمال رمزي نهرا، ما يؤثّر بشكل كبير على واقع طرابلس التجاري والبلدي وحتى الأمني، إذ إن المشكلة تكم في كيفية منع تأثير الوجود السوري على الواقع الأمني”.

وتابع: “هناك نسبة لا بأس فيها من المخلين بأمن طرابلس هم سوريون”، مشدداً على أن “الأمر لا يخلو أيضاً من اللبنانيين، بحيث تُرتكب أعمال السلب وإطلاق النار وغيرها، لكن توجد شراكة سورية واضحة في ما يخص هذا الموضوع”.

وأكمل: “هناك شبه إجماع ديني وشعبي واجتماعي واقتصادي على ضرورة تنظيم الوجود السوري في طرابلس، لأن الفوضى التي أحدثها الانتشار الكبير للسوريين، سواء على الصعيدين الأمني والاقتصادي، أدت إلى إشكالات بين السوريين واللبنانيين، أبرزها المنافسة غير العادلة في مجالات العمل المختلفة، بالإضافة إلى تأثّر قطاع إيجارات المنازل بحيث أصبح معظم المالكين يؤجرون السوريين وحسب، وأصبح اللبنانيون أمام معضلة العثور على منازل، الأمر الذي أدى إلى أزمة اجتماعية في المدينة بشكل خاص، لذلك هناك شبه إجماع على ضرورة هذا التنظيم، باستثناء حزب التحرير الذي تظاهرت عناصره منذ نحو الأسبوعين، مطالبين ببقاء السوريين”.

واستطرد أن “أبعاد مظاهرة الحزب ليست محلية بقدر ما هي خارجية، إذ إن الحزب يخوض صراعاً مريراً داخل سوريا مع تنظيمات مثل هيئة تحرير الشام وغيرها”.

وأشار إلى أن “حزب التحرير أراد المزايدة على تلك التنظيمات في مظاهرته ليظهر نفسه وكأنه يحمي الشعب السوري في لبنان”، لافتاً الى أن “المظاهرة كانت محدودة التأثير، بحيث لم يتعدَ عدد المشاركين فيها 300 شخص، ونصفهم سوريين من الأطفال والنساء”.

وتابع: “التنظيم يجب أن يقوم وفق إجراءات قانونية معينة، من إقامة أو إقامة عمل، وما إلى ذلك”.

وقال: “بالنسبة للاتفاقات الباطنية، هناك نوع من التفاهم بين النظام السوري وحزب الله على عرقلة عودة السوريين، إذ إن النظام لا يريد عودتهم، حفاظاً على التفريغ السكاني الذي أحدثته الحرب، وكذلك تراه يستفيد من وجود آلاف السوريين في لبنان الذين يحولون أموالاً بالدولار إلى الداخل السوري”، مردفاً أن “اللاجئين السوريين هم ورقة يبتز بها رئيس النظام السوري بشار الأسد المجتمع الدولي”.

أضاف: “الحزب يتفق مع النظام السوري على هذه النقاط وبشكل واضح”.

وفي هذا الإطار، كان لا من التواصل مع رئيس البلدية رياض يمق للاستفسار منه حول معضلة السوريين في المدينة، نظراً لأنه رئيس البلدية والجهة المخولة باتخاذ القرارات لا سيما المتعلقة بالنزوح السوري، وتطبيق تعاميم وزارة الاداخلية المسؤولة عن البلدية بشكل عام، إلا أن “فخامته” كان مشغولاً جداً “خارج البلاد” بحسب ما أجاب على اتصالاتنا، ليحضر مؤتمراً في طرابلس في اليوم الثاني، وكأن “الطيران على حسابو”، ولكن في جميع الأحوال، في طرابلس تم الطعن له كرئيس للبلدية فكيف الحال إذا جرت الإنتخابات؟

ففي الختام، يبقى الحال في طرابلس مختلفاً عن جيرانها في الكورة والبترون التي استطاعت التخلص من النازحين، ولكن طرابلس لم تستطع حتى البدء بهذا الأمر لعدة أسباب، منها سياسية وديمغرافية وللأسف طائفية، حيث تطغى الأكثرية السنية على المدينة والتي لا تريد ترحيلهم كرمى عيون رئيس النظام السوري بشار الأسد، وتحديداً زعامات طرابلس التي تركت الحرمان يتغلغل بين أهاليها.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: