قد يخطئ مَن يظن أن مصادر تمويل حزب الله هي إيرانية بالكامل، فالأحداث بيّنت عبر السنين أن الحزب يعتمد على مصادر أخرى، غير التمويل الداخلي، تأتي من الخارج ولا تمرُّ عبر المصارف اللبنانية التي تلتزم بنصّ قانون العقوبات الأميركية على البنوك التي تتعامل مع الحزب أو مع الأفراد والشركات التي تدور في فلك تمويله.
“همروجة” الأحداث والمشاغبات والفوضى المأدلجة وقطع طريق المطار، الشريان الأساسي الذي “يتنفّس” منه البلد، تخفي وراءها ما هو أكبر من مجرد حرية التعبير عن الاستياء من هبوط طائرة إيرانية في حرم المطار آتية من طهران محمّلة بالركاب وبمليارات الدولارات، إذ من المعروف أنه ومنذ تأسيسه يعتمد الحزب في موازنته ورواتب عناصره ومصاريفه وسلاحه وصواريخه على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وهو كان يتلقى بشكلٍ دوري أموالاً متأتية من عائدات “خُمس” الزكاة الذي يقدمه الإيرانيون الى مرجعياتهم عبر الخطوط البرية التي كانت تبدأ من إيران وتمرُّ في العراق وسوريا لتنتهي في لبنان، وتحديداً في ضاحية بيروت الجنوبية وفي الجنوب.
الجديد في مشهد التمويل السخي مع قطع أوصال الخطوط البرية بين سوريا ولبنان بعد سقوط نظام بشار الأسد، هو خط التمويل الجوي مع العراق والجزائر تحديداً، علماً أن الأخيرة ترفض تصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية وأن الحزب يتدخّل بشكل سافر في الداخل الجزائري من خلال دعم قيادات جبهة البوليساريو وتدريب عناصرها من قبل كوادر الحزب، وبالتالي مساهمة حزب الله في تأجيج النزاع التاريخي القائم بين الجزائر والمغرب على خلفية ملكية أراضي الصحراء الغربي.
ما جرى ويجري على الأرض ميدانياً منذ بضعة أيام وبالتأكيد قبل ذلك إنما يشي بأن الحزب المأزوم والمحاصَر يسعى جاهداً لاستخدام لغة “الترويع” ضد الداخل اللبناني، من خلال أعمال الشغب المنظّمة التي يمارسها في الشارع كيفما شاء وعندما يشاء، فهل سيتمكن الحزب و”بلطجيته” من تطويع الشارع اللبناني؟! فلننتظر أكثر من استحقاق داهم يبدأ الأول غداً مع انتهاء تأجيل اتفاق وقف إطلاق النار الممدّد للمرة الثانية بين إسرائيل وحزب الله، ولا ينتهي في الثالث والعشرين من الجاري موعد تشييع الأمين العام السيد حسن نصرالله ونائبه!