"غراهام" يقرع طبول الحرب.. و"حمادة" يحذر: لبنان أمام معادلة لا ترحم

synator

في واشنطن، لم يكتفِ السيناتور الأميركي ليندسي غراهام بإطلاق مواقف صادمة حول مستقبل لبنان، بل قدم ما يشبه الإطار العملاني لمعالجة ملف حزب الله من بوابة التعاون العسكري الأميركي - الإسرائيلي، وإعادة رسم قواعد الاشتباك على الحدود.

ففي كلمته خلال مؤتمر جيروزالم بوست، قدم غراهام القراءة الأكثر وضوحاً حتى الآن لموقع لبنان في الاستراتيجية الأميركية المقبلة: "لا مستقبل للبنان طالما أنه يتسامح مع وجود حزب الله مسلحاً ولديه رغبة في تدمير إسرائيل"، فمن هذه العبارة تحديداً، تنطلق رؤية لا تخفي نياتها، تقوم على الدفع نحو عمل مشترك مع إسرائيل، بالترافق مع دعوة صريحة لتعزيز الجيش اللبناني والعمل مع إسرائيل للقضاء على هذه المنظمة.

ولا يتوقف غراهام عند التهديد الأمني، بل يربط بين الضغط العسكري على الحزب وبين خنق الشرايين المالية لطهران، فالمشروع الذي أعلن عنه لمعاقبة الدول التي تواصل شراء النفط والغاز الإيرانيين، وعلى رأسها الصين، ليس تفصيلاً تقنياً، بل جزء من هندسة متكاملة تهدف إلى تقويض القدرة الإيرانية على تمويل وتسليح حماس والحزب وفصائل أخرى.

بالتالي في عقل غراهام، الشرق الأوسط يعيش اصطفافاً استراتيجياً نادراً، وهذه اللحظة يجب ألا تضيع، لأن حماس والحزب ليسا المستقبل، فيما اتفاقات أبراهام والتغيير في العالم العربي حقيقيان.

في مقاربة أعمق، يضع الصحافي والمحلل السياسي علي حمادة هذا الخطاب في سياقه الأوسع، قائلاً لمنصة LebTalks إن ما عبر عنه السيناتور يعكس وجهة نظر الإدارة الأميركية ومعظم أعضاء الكونغرس، فالحزب بحسب هذه المقاربة هو منظمة مسلحة معادية لإسرائيل، فيما تعتبر واشنطن أن نفوذه وقوته داخل لبنان، إضافة إلى استسلام عدد كبير من السياسيين اللبنانيين لإرادته وخياراته، بات تهديداً مباشراً للكيان والدولة اللبنانيين معاً.

ويذهب حمادة أبعد من ذلك، مؤكداً أن عدم التصدي وعدم نزع السلاح، لإلغاء أو شطب الهيكلية الأمنية والعسكرية التابعة للحزب، سيؤديان حكماً إلى عملية عسكرية إسرائيلية بغطاء أميركي، هنا تتبدّى معالم المعادلة الجديدة التي نشأت بعد حرب الإسناد التي ورط الحزب نفسه وورط لبنان، ثم عملية سهام الشمال التي ردت بها إسرائيل.

بالتالي الهدف، كما يشرح حمادة، هو عدم نشوء أو وجود أي تنظيم مسلح له أجندة إيرانية على الحدود مع إسرائيل، هذه ليست قراءة تحليلية، بل توصيف مباشر لاستراتيجية أميركية - إسرائيلية مكتملة الأركان.

وفق حمادة، فإن الرسالة التي جاءت هذه المرة على لسان غراهام ليست قابلة للالتباس مفادها، لبنان إن لم ينسجم مع المطالب الأميركية، فهو معرض لحرب كبيرة، حرب لا تبدو، في هذا التصور، خياراً نظرياً، بل نتيجة طبيعية لمسار واضح، فواشنطن حددت ما تريده، إسرائيل جاهزة، والمعادلات الإقليمية تعمل في الاتجاه نفسه.

من هنا، يصبح السؤال الحقيقي ليس عما يريده غراهام أو كيف تفكر الإدارة الأميركية، بل عما إذا كان لبنان قادراً على امتصاص هذه اللحظة قبل أن تنفجر.

فالتحولات تتسارع، والوقت يضيق، والمشهد يكون أكثر وضوحاً من أي وقت مضى، بالتالي المرحلة المقبلة تكتب بلغة القوة، ومن لا يقرأها جيداً سيدفع ثمنها كاملاً.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: