كتبت لينا البيطار: بعد أن قصد أحد المواطنين مع عائلته مطعماً في منطقة المعاملتين لتناول الغداء، وعند طلب تسديد الحساب، فوجئ برفض إدارة المطعم القبول بورقة الخمسين دولاراً بحجة أنها قد تكون مزوّرة، وبعد سجال إرتأى الطرفان تصوير الورقة النقدية عبر الهاتف من قبل كلٍ منهما وذلك للمراجعة وحفظ الحق في حال تبيّن بأنها مزيفة.
هذه الحادثة عينها وقعت أيضاً مع مواطنين آخرين في شركاتٍ ومحالٍ وصيدليات وحتى مكاتب الصرافة التي امتنعت عن التداول بهذه الفئة من الدولارات على الرغم من وجود آلات عدّ وكشف العملات خصوصاً لدى الصيارفة الذين أوقفوا التعامل بالخمسين دولار بيعاً وشراءً.
كل هذه البلبلة والإرباك حدثتا على خلفية التداول عبر مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية عن ضخّ عملة الدولار المزوّر من فئتي 50 و100 دولار في الأسواق اللبنانية، وما عزّز هذا الخبر ربط السوق المالية اللبنانية بما حصل منذ أسبوعين في تركيا حيث يُحكى أن الأسواق التركية غرقت بالعملة المزورة بكميات “استثنائية” بلغت ملايين الدولارات ما دفع بالمدعي العام المالي في اسطنبول الى إصدار قرار بسحب هاتين الفئتين من التداول بانتظار معالجة الأمر بالطرق الناظمة المعتمدة في مثل هذه الحالات وذلك تفادياً لمزيد من الأضرار التي لحقت بالاقتصاد التركي.
لبنان المرتبط عضوياً بالمصائب التي تحلُّ بكل الدول المحيطة القريبة والبعيدة وعلى كافة الصعد شهد بدوره إرباكاً في هذا الصدد، وإن كان حتى اللحظة محدوداً قياساً بما حصل في تركيا، هذا الإرباك الناجم عن ارتباط اقتصاد البلد المفتوح على كل الاحتمالات منذ بدء الأزمة المالية بـ”اقتصاد الكاش” الذي يمكنه أن يجذب بسهولة مصادر الأموال المشبوهة، ما يعني الوقوع بسرعة في فخّ العملات المزوّرة.
التحقيقات من قبل مكتب مكافحة الجرائم المالية وتبييض الأموال في الضابطة العدلية التابعة للمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، بوشرت بعد إشارة من النيابة العامة المالية لمعرفة مصادر الفئات المزوّرة وتتبّعها، علماً أن لا أحد يملك معلومات دقيقة حتى الساعة حول الكمية المتداول بها، وأن هناك أخباراً مضخّمة عن مبلغ “استثنائي” يناهز 6 ملايين دولار قد يكون مصدرها تركيا أو أرمينيا، لكن نقابة الصرافين تحدثت عن “مشكلة” في السوق النقدية، نافيةً في بيان، ضخّ مثل هذا المبلغ الكبير نظراً لضيق السوق اللبنانية فقالت: “إن نقابة الصرافين في لبنان وبعد التنسيق مع الجهاز الامني المختص الذي قام بالدراسات والبحث والتحرّي الخاص به، وبعد التواصل مع عدد من الصرافين المرخّصين في مناطق عدة، تبين لنا أن المشكلة المطروحة حول حقيقة التزوير مُبالغٌ فيها وهي أصغر بكثير من الواقع المعلَن عنه، وقد تبيّن أن الوضع ليس خارجاً عن حقيقة تداول العملة في الأيام العادية السابقة وأن العملة المزوّرة هي واضحة بالنسبة للصرافين وسهل عليهم انتقاءها”، مضيفةً إن “النقابة تودُّ إعلامكم أنها إرتأت أن حجم المشكلة يؤدي لإرباك المواطن ليس إلا، ولا داعي بتاتاً لحالة القلق والهلع المسيطرة على المواطنين وعلى سوق القطع بشأن العملة المشار اليها”، مؤكدة أن “الحل للمشكلة بسيط والوضع ليس خارجاً عن المألوف”.
المصارف من جهتها عمدت الى اتخاذ سياسة” التتبّع” لمعرفة مصدر المال المزوّر من أجل الذهاب الى القضاء، وفي حال عدم معرفة المصدر بشكلٍ موثوق يتمُّ التواصل من قبلها مع البنك المركزي الذي يتواصل بدوره مع وزارة الخزينة الأميركية للطلب اليها سحب الأوراق المزوّرة من التداول لأنه على الولايات المتحدة الأميركية التدخّل لحماية عملتها، مع الإشارة الى أن مصرف لبنان يطبع عملة الليرة اللبنانية فقط ولا يتدخّل في مثل هذه الحالات الا اذا تمّ تزوير الليرة اللبنانية، علماً أن مصادر مقرّبة من حاكمية المصرف أكدت عدم وجود أموال مزيفة لدى المركزي أو في سائر المصارف التي بدأت العمل على تحديث ماكيناتها وهو الأمر الذي ينسحب على الصيارفة أيضاً، خصوصاً أن دخول الدولارات المزيفة سهلٌ جداً عبر الصرافات الآلية المنتشرة على كامل الأراضي اللبنانية والبالغ عددها نحو 1244 ماكينة (ATM) وهو عددٌ يُرجح انخفاضه أثناء العدوان الإسرائيلي على لبنان بسبب خراب أو تخريب عدد منها خصوصاً في المناطق التي شهدت أعمال القصف.
يبقى أنه على اللبناني أن يكون ملمّاً بالحد الأدنى في التمييز بين العملة الصحيحة من تلك الموزّرة عبر “التقنية اليدوية” أي اختبار اللمس باليد، اذ سيلحظ تفاصيل كثيرة تساعده على التمييز الصحيح منها “نعومة” الورقة الصحيحة المصنوعة من الكتان والقطن فيما المزيفة تكون خشنة الملمس وهي مصنوعة من الورق المقوّى، مع الإشارة الى أن ألوان الصحيحة هي أوضح من المزوّرة التي تمون باهتة وغير واضحة، فجميع عملات الويلات المتحدة لها ألياف حمراء وزرقاء صغيرة وهي جزءٌ لا يتجزأ من الورقة، كما يمكن النظر اليها من خلال الضوء للتحقق من وجود شريط ذهبي أو فضي في عرض الورقة، من دون أن ننسى الأرقام المتسلسلة للعملة اذ تكون في “الصحيحة” متطابقة ومصبوغة بلونٍ موحّد مع لون ختم البنك المركزي الأميركي على عكس الدولار المزوّر الذي تكون فيه الأرقام غير مطابقة للختم…