المحرر القضائي
اذا كان اللبناني قد اعتاد منذ عقود سماع مصطلح “فذلكة” الذي يُلصَقُ عادةً بمشاريع إقرار موازنة الدولة، فمن البديهي أن يستغرب التعديل الذي أدخله مجلس النواب في جلسته التشريعية الأخيرة على المادة /2/ من المرسوم الاشتراعي تاريخ 16/9/1983 وتعديلاته من قانون القضاء العدلي، والقاضي بالتمديد ستة أشهر لعدد من القضاة بعد بلوغهم السنّ القانونية، كل ذلك “كرمى” عيني النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم الذي كان سيُحال على التقاعد في غضون أربعة أشهر أي في نيسان 2025 لبلوغه السّن القانونية، فماذا ولماذا قام مجلس النواب بهذه الخطوة التي قال عنها نادي قضاة لبنان بإنها “مهزلة المهازل وقمة الانهيار”؟
واصفاً القانون المعدّل بإضافة فقرة بأنه “غبّ الطلب” وهو صَدرَ على قياس قاضٍ هو المدعي العام المالي من خلال تمديد سنّ تقاعده، وغير مقبول وغير شرعي ويخالف المبادئ الدستورية والقانونية كلها ويكرّس الهيمنة والتدخّل السياسي في عمل القضاء”، على ما ورد حرفياً في بيان نادي القضاة.
الفقرة المضافة نصّت على أنه “يستمر القضاة الأعضاء في النيابة العامة التمييزية (القاضي إبراهيم عضوٌ حُكمي في مجلس القضاء الأعلى) الذين انتهت ولايتهم بتاريخ 14/10/2024 في ممارسة أعمالهم الى حين تعيين بدلاء عنهم وحلفهم اليمين المنصوص عنها في المادة /3/ من المرسوم الاشتراعي المُشار اليه، على أن يُمدّد للقضاة الذين يبلغون سن التقاعد بين 15/3/2025 و15/3/2026 الذين يتطلّب تعيينهم في مراكزهم مرسوماً يُتَخذ في مجلس الوزراء، مدة ستة أشهر من تاريخ تقاعدهم”، علماً أن هذا القانون بتعديلاته غير مُلزِمٍ للقضاة المعنيين، بمعنى أنه يحّقُ للقاضي الذي لا يرغب بتمديد ولايته أن يتقدّم بطلب إنهاء خدماته.
هذا في القانون، أما في “ماورائياته” على الطريقة اللبنانية، فالمجلس النيابي مدّد للقاضي علي إبراهيم، إبن الوردانية في إقليم الخروب، الذي تولّى منصبه على رأس النيابة العامة المالية منذ العام 2010 كإسم تسوية بين حركة أمل وحزب الله، كتعويضٍ أراده الرئيس نبيه برّي ضمن سلّة التمديدات التي طالت قائد الجيش العماد جوزاف عون والمدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري (مارونيان) والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان (سنّي)، إذ ارتأى رئيس المجلس أن يكون التمثيل الشيعي حاضراً من خلال التمديد للقاضي إبراهيم.
والى أن ينتهي أمد التمديد الثاني وربما ما قد يليه، فسيبقى المدعي العام المالي “يدّعي ويستدعي ويستجوب” في ملفات الهدر والسطو على المال العام وإحالتها على أدراج النيابة المالية الى أن…