بخطاب غير تقليدي ورائع بمضامينه، أطلق الرئيس العماد جوزف عون عهده الرئاسي، وعبر هذا الخطاب المستند إلى تجربة رائدة ومحترمة ومحل تقدير من كل الأطراف الخارجية وغالبية القوى السياسية المحلية، يمكن القول أن اللبنانيين قد تلمسوا وللمرة الأولى منذ عقود، بأنه بات لرئاسة الجمهورية هيبتها وللدولة والمواطنة صورتها المتألقة، وبأن الأحلام لدى كل لبناني بدولة حديثة ديمقراطية وذات سيادة أصبحت ممكنة.
من الضروري الإشارة الى انه وبعد ٢٤ ساعة على انتخاب قائد الجيش رئيساً، وتعاطي الكتل النيابية مع عملية الإنتخاب سواء في الدورة الأولى أو في الدورة الثانية، بأن الشارع اللبناني بأكمله أبدى تأييداً مطلقاً للرئيس، ولم تكن مظاهر الاحتفالات مقتصرة على منطقة معينة حتى أن المناطق المحسوبة على كتل نيابية عارضت انتخاب عون ولم تقترع له، خرجت للتعبير عن ترحيبها وارتياحها وأملها بالعهد الجديد وبالدولة النزيهة والشفافة، بعيداً عن أي قيود أو حسابات سياسية او حزبية.
وبالتالي، فإن الشعب قد قال كلمته بالأمس من خلال احتفائه بانتخاب القائد، فكان الأمر بمثابة الاستفتاء الشعبي له ولو كان نظام الانتخاب من الشعب لكان عون فاز بإجماع شعبي غير مسبوق وذلك بغض النظر عن ممثلي الشعب في المجلس النيابي.
فالقائد الذي وصل وبخطاب لا مثيل له من حيث العناوين، تحول في ٢٤ ساعة إلى المنقذ من الجحيم الذي يعيشه اللبنانيون منذ سنوات.
ويبقى أنه وفي الترجمة العملية لهذا الخطاب والعهود التي أعلنها، فإن فريق العمل الذي سينخرط معه في إدارة البلاد، يجب أن يكون على القدر نفسه من الصفات والمزايا التي جعلت من عون مرجعيةً إنقاذية وقادرة على بناء الدولة ومؤسساتها، وبالدرجة الأولى الشخصية التي ستتولى رئاسة الحكومة والتي من المفترض أن تكون متماهية مع شخصية الرئيس.
ومن هنا، فإن المشاورات التي ستنطلق لتأليف الحكومة ستكون محط مراقبة ومتابعة من قبل الشعب كما كل الجهات الداخلية والخارجية التي أيدت عون. ولذلك فإن شخصيةً مثل الرئيس نجيب ميقاتي او اي شخصية سياسية والتي ارتبطت ولو بشكل مباشر أو غير مباشر في موجة الفساد،، لا يجب أن تكون في فريق العهد الجديد لأن هذا الأمر سيفسّر على انه طعنة وخيبة أمل للناس التي تنتظر وتحلم بسلطة نزيهة قادرة على تأمين حقوق كل اللبنانيين من دون استثناء عبر حكم عادل وديمقراطي وحر يرتكز إلى مبادئ المواطنة.
لذا فإن تكليف رئيس حكومة من خارج كل وعود وعناوين خطاب قسم الرئيس عون، سيكون مرفوضاً في المطلق وسيعطي تأثيراً معاكساً لكل المناخ الشعبي الداعم والمؤيد والذي يضع الآمال على عهد عون ويحلم باستعادة مشروع الدولة الحديثة المشابهة لدول العالم المتقدم بعدما قامت الطبقة السياسية السابقة والحالية بوضع لبنان واللبنانيين في سجن من الفساد والظلم والمحاصصة وعدم الكفاءة والنزاهة.