فضيحة العتمة تكشف الشعارات "العونية" المزيفة

Aounistes2

رغم وضوح مشهد العتمة والتناقض في مواكبته من قبل المعنيين بملف الكهرباء على امتداد العقود الماضية، فإن جانباً سياسياً لا يمكن إغفاله في هذه القضية التي تحولت من خطة "إنقاذ من العتمة"، رفعها "التيار الوطني الحر" المتمسك بالطاقة وبالإقتراحات المحصورة بالتمويل فقط وبزيادة تعرفة الكهرباء وبالحصول على الفيول المجاني من العراق وأخيراً من الجزائر، على أساس "الحل الموقت لتفادي العتمة الشاملة"، وصولاً إلى "أسطوانة" التيار "المكسورة" حول هدر المال العام وودائع اللبنانيين والإنهيار المصرفي، من دون الإشارة إلى مسؤوليته عن القرارات المالية التي أدت إلى إفلاس لبنان والقطاع المصرفي والمودعين بسبب التمنع عن دفع الديون حيناً وبسبب المحاصصة حيناً آخر.

45 مليار دولار هُدرت على الكهرباء في لبنان حتى حلول الإنهيار في العام 2019، وبعد خمس سنوات على هذا الإنهيار وفي العام 2024 وفيما لبنان في حالة حرب، يستمر مسار العتمة وسط انعدام الثقة في الداخل والخارج بقدرة وشفافية الممسكين بحقيبة الطاقة على تأمين الكهرباء.

وبدلاً من التركيز على مواكبة ومعالجة الأزمة القديمة المتجددة، ينشغل "التيار" بكل رموزه ومسؤوليه بالهجمة المضادة على القطاع المصرفي وعلى السلطات المالية الرسمية ويعملون على استحضار حقبات سابقة ويخلطون ما بين مسؤوليتهم عن هدر المليارات في مشاريع غير منتجة وبين الأزمة المصرفية، ثم يطلقون الإتهامات بالفساد لكل من رافق وفضح ممارساتهم في مصرف لبنان المركزي أو في وزارة المالية أو في ديوان المحاسبة، وكل ذلك بهدف التغطية على الفشل الذريع في إدارة ملف الكهرباء والذي يُجمع اللبنانيون كما الدول التي تعاملوا معها، على أن وزراء الطاقة "العونيين"، هم وحدهم المسؤولين عن فشله.

بالتوازي، يواصل "العونيون" أو "الباسيليون" كما يسمون أنفسهم اليوم، وفي سياق الخلط والتضليل والتعمية على "المرتكب" الحقيقي، سواء في معامل الكهرباء أو في سدود المياه المقفلة بالشمع الأحمر كسد المسيلحة مثلاً أو المشاريع المعلّقة كسد بسري، المزج بين السياسة وملفات الطاقة وأزمة المصارف وحقوق المودعين وشركة "فوري"، أو شركة "أوبتيموم" التي تبيّن أن مبلغ 8 مليار موضوع الإتهامات فيها، هي موجودة، بالإضافة إلى توزيع الإتهامات بحق حاكم "المركزي" السابق رياض سلامة عبر الترويج لملفات قضائية وتحركات أوروبية في بيروت وعواصم أوروبية، ولكن من دون تحقيق أي نتائج عملية في أي من العناوين المرفوعة والشعارات التي يدحضها أكثر من دليل، قد يكون الأكثر دلالةً فيه هو العقوبات الأميركية المفروضة على قيادة وبعض رموز التيار، بسبب الفساد بالدرجة الأولى.

وأمّا الدلالات الأخرى، فتتمثل بالتقارير الصادرة عن مؤسسات عالمية حول كتقرير "ألفاريز أند مارسال" للتدقيق الجنائي، الذي يطالب به "التيار الوطني"، قد تطرق للهدر في مجال الطاقة، حيث تحدث عن 25 مليار دولار محوّلة من مصرف لبنان المركزي إلى وزارة الطاقة كسلف مالية لشراء الفيول وذلك بناءً على طلبات من وزارة الطاقة.

ولم يقتصر الهدر على الفيول بل على استئجار بواخر الكهرباء حيث لم يتم الإستثمار في المعامل ولم يتم تطبيق قانون تنظيم قطاع الكهرباء وتشكيل هيئة ناظمة من أجل الشفافية في العمليات.

وبينما يتبنّى "العونيون" على اختلاف مسؤولياتهم ومراكزهم في الوزرات أو في الإدارات الرسمية والمؤسسات أو في المجلس النيابي، كل الحملات التي تتعلق بالمال العام، ويشكلون رأس حربة في توزيع الإتهامات  للمصارف أو لسلامة، فقد كشفت مصادر معنية لموقعنا، بأن المليارات الـ8 التي يتحدث عنها "العونيون"، موجودة ولم يكن هناك من أي تزوير وفق ما يدعون، وإلّا كان الحاكم بالإنابة وسيم منصوري قد تطرق إلى هذه القضية.

وبالتالي، فإن المسؤول عن التزوير المزعوم من قبل "التيار الوطني"، قد حصل من قبله في التواريخ التي حددوها لتوجيه الإتهام لشركة "فوري" بالمسؤولية عن ضياع الودائع، خصوصاً وأن عمليات الشركة المالية قد حصلت في العام 2015 فيما الأزمة المالية قد وقعت في العام 2019.

وفي سياق متصل، فإن عنوان "الهندسات المالية" الذي يحمله مسؤولو ومحازبو "التيار"، لم يعد مقنعاً للمودعين أولاً كما للرأي العام ثانياً، حيث أن هذه الهندسات قد انتهت في العام 2015، وفي هذا التاريخ كانت الأموال موجودة في المصرف المركزي ولم تكن الأزمة المالية قد بدأت، ولم يخسر المودعون أموالهم إلا بعد قرار التعثر عن دفع الديون الذي اتخذته حكومة حسان دياب، حيث كان في المركزي 30 مليار دولار، قامت هذه الحكومة بهدرها تحت عناوين واهية كالدعم، وهذه الخسارة انسحبت على المصارف وبالتالي على المودعين.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: