في ذكرى الاستقلال... حنين الى نضال وصلابة رجالاته

258

لا يمكن ان يتحقق استقلال اي وطن إلا بوحدة مسؤوليه وشعبه وبنضالهم وتضحياتهم، والاهم بوجود رجالات دولة بكل ما في الكلمة من معنى، فأين نحن اليوم من كل هذا؟، فالاستقلال ليس فقط  ذكرى جلاء الاحتلال عن أرض الوطن، بل بتوحيد الولاء والكلمة والسعي الى تحقيق المصلحة الوطنية على المصلحة الخاصة، مع عنوان واحد هو التوافق الوطني من قبل المسؤولين والشعب.

 من هنا نستذكر رجالات لبنان في حقبة الاستقلال الاول فلا نجدهم اليوم، أمثال كميل شمعون وبشارة الخوري وبيار الجميّل ورياض الصلح وصائب سلام ومجيد أرسلان وصبري حماده وعبد الحميد كرامي وحبيب ابي شهلاً  وسليم تقلا وعادل عسيران، واللائحة تطول والحنين الى نضالهم وصلابتهم يتفاقم يوماً بعد يوم.

هي ذكرى استعادة السيادة والحرية من الانتداب الفرنسي، نحتفل بها كل عام للتذكير بذلك النضال المشرّف وخصوصاً للاجيال الصاعدة  لغرس حب الوطن في قلوبهم. هي محطة وطنية وحقبة مديدة من عمر الوطن، 22 تشرين الثاني 1943 تمثل محطة لإستذكار رحيل آخر جندي فرنسي عن ارض لبنان، فإذا بهذا اليوم ينقلب ليمثل تحكّماً بسلسلة من الهيمنة والوصايات والاحتلالات، لذا لم نعد نشعر بهذا اليوم، بعدما بات لبنان أرضاً مستباحة للجميع، ونحن كشعب أكثر مَن دفع ولا يزال يدفع الاثمان الباهظة عن تداعيات حروب الآخرين على ارضنا.

حقبات من عمر لبنان تمثلت بمحاولة التحكّم الناصري بلبنان، ثم الهيمنة الفلسطينية والسعي لأخذ لبنان كبلد بديل عن فلسطين في العام 1975، تبعها الاحتلال السوري وبعدها سيطرة إسرائيل على الجنوب، ومن ثم  الوصاية الايرانية المتمثلة بتحكّم حزب الله كدويلة ضمن الدولة، واليوم الهيمنة الاسرائيلية بسبب حرب المساندة ووحدة الساحات وغيرها من الشعارات التي سقطت في مهدها، لكن روادها ما زالوا يقفون على أطلالها معلنين الانتصارات الوهيمة.

بإختصار كيف يمكن ان نشعر بمعاني هذا اليوم ولبنان مطوّق بالهيمنة والوصاية وأوامر السفراء؟، ولا تزال ميليشيا مسلحة تملك سلاحاً غير شرعي وتستبد باللبنانيين، وتهدّدهم بوجودهم ساعة تشاء وتمنع الاجهزة الشرعية من بسط سلطة الدولة على كامل اراضيها؟، كيف نستعيد ذلك اليوم وما زال نصف السياسيين اللبنانيين تابعين لقوى خارجية؟، وما زال لبنان ساحة مستباحة للصراعات الاقليمية؟  فبعد كل هذا هل ما زال لدينا الحماسة للاحتفال بهذا العيد ...؟!

في 22 تشرين الثاني من كل عام يتراجع هذا التاريخ ليصبح وهماً، يسأل عن ركائز الاستقلال فلا يجدها، لاننا ما زلنا مكبّلين وكل سنة يتكرّر هذا الواقع الاليم، فلا احتفال بمناسبة عيد الاستقلال ولا عرض عسكرياً ولا إستقبالات للتهنئة، فقط إستذكار رجالات الاستقلال ووضع أكاليل من الزهر على أضرحتهم.

كم هو حزين هذا اليوم... وكم نتوق الى الاستقلال الحقيقي الذي نبحث عنه!

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: