قراءة في “تعديلات” واعتدال الحزب بعد “الانتصار”

na3im

اذا كان خطاب الشيخ نعيم قاسم تاريخ 20 تشرين الثاني 2024 قبيل الاعلان عن اتفاق وقف اطلاق النار ممراً وتعبيداً وتسهيلاً واستسهالاً لقبول ما كان مرفوضاً ومحرماً ومعيباً وما اعتبر سابقاً ولاحقاً مسّاً بالسيادة من زاوية الحزب والممانعين على الرغم من تركيز الخطيب يومها على استمرار المقاومة من ضمن ثلاثية جيش شعب مقاومة، فإن خطاب ما بعد الموافقة والتوقيع تاريخ 29 تشرين الثاني 2024 كان بمثابة الكشف عن التعديلات الجوهرية الاساسية التي مهد لها الخطاب السابق وأكد عليها في اللاحق اذ غابت الثلاثية وحضرت مكررةً خارطة طريق الحزب الجديدة ان اقترن الفعل بالقول والقبول والالتزام والتوقيع.

في كلمة قاسم ما قبل توقيع الاتفاق ورد الآتي “بعد الحرب هناك ٤ أمور:

–  سنبني معاً بالتعاون مع كل الشرفاء والدول التي ستساعد

–  سنقدم مساهمتنا الفعالة لانتخاب الرئيس من خلال المجلس النيابي بالطريقة الدستورية

–  ستكون خطواتنا السياسية تحت سقف الطائف

–  سنكون حاضرين في الميدان السياسي لنبني ونحمي”

في كلمته بعد اعلان الاتفاق وتوقيع وزراء الحزب موافقين عليه في مجلس الوزراء كرر التزامه العمل السياسي تحت “سقف الطائف” كما بالتزامه واستسهاله تطبيق بنود الاتفاق والتي “تنص صراحة على تجريد الحزب من سلاحه ومنع اعادة تسليحه” ووقف مقاومته تحت طائلة عقوبات وقصاص “البند السابع” بأذرع الجيش اللبناني او قوات اليونيفيل، وان تعذّر يقوم الجيش الاسرائيلي بعد تبليغ لجنة الرقابة العسكرية التي يرأسها ضابط اميركي بالقيام بالمهمة تحت عنوان الدفاع المشروع عن النفس المعطى لكل من لبنان “الرسمي والشرعي” واسرائيل والتي طبقت البند السابع من طرف واحد منذ لحظة توقيع الاتفاق وحتى اللحظة.

بعيداً عما سبق الاتفاق وواكبه ولحقه من انتهاكات خطابية ولفظية وشفهية لبنود الاتفاق ورد على السن بعض نواب ومحللي واعلاميي وصحفيي وصحف الحزب واعلامه، فإن اعتراف امين عام الحزب بـ”حصرية السلاح بيد الدولة وبانتظام عمل مؤسساتها بشكل ديموقراطي ودستوري تحت سقف الطائف وبنوده”، على دفعتين وفي كلمتين، يكاد يكون ان صدُقَ انقلاباً فكرياً عقائدياً وتعديلاً جوهرياً في نهج الحزب وتجربته ومستقبله على عكس ما ورد من مضامين وثوابت في كتاب نعيم قاسم نفسه “حزب الله النهج التجربة المستقبل”.

بانتظار المياه التي قد تكذّب الغائصين الملتزمين مبدئياً بالاتفاق من الطرفين، وبانتظار مسار الستين يوما وما قد يليها مما ورد في بنوده من نزع للسلاح غير الشرعي بدءاً من الجنوب وتمدداً للشرعية وامتداداً على مساحة الـ10452 وطول وعرض المعابر الحدودية، نتوقف عند ما يمكن ان يشي بمرحلة جديدة مع الامين العام نعيم قاسم المعدِّل في خط ومسيرة الحزب والمعتدل بانفتاحه على من خوّنهم لعقود من شركائه اللبنانيين كما في رضاه وقبوله بالوساطة الاميركية غير النزيهة وبالتالي قبوله ورضاه وعدم ممانعته حسب الاتفاق ووثيقة الضمانات الاميركية لاسرائيل بانتداب اميركي تحت ادارة المفوض السامي رئيس لجنة رقابة وقف اطلاق النار الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز.

ابعاداً للحزب عن مبادئه وابتعاداً عن تاريخه وثوابته العقائدية ووصايا قيادته الملهمة التاريخية فك الحزب بقيادة قاسم جبهة لبنان عن جبهة غزة متوقفاً عن اسنادها، كما خاض المفاوضات تحت النار وقبل وقف اطلاقها مبتعداً عن الثابتة السابقة التي لطالما قالت بالمنع والتمنع عن خوض اي مفاوضات قبل وقف العدوان عن غزة وعن لبنان كذلك ابتعد الحزب بقيادة نعيم قاسم عن الثابتة التي اطلقها الامين العام الراحل نصرالله والتي تقول: “نحن قوم لا ننسى اسرانا في السجون الاسرائيلية”، اذ غاب عن الاتفاق وعن بنوده وعن المفاوضات اي ذكر لمصير عشرة من مقاتلي الحزب وقعوا في الاسر في المرحلة الاولى من القتال البري ويحقق معهم في السجون الاسرائيلية عدا عن عدد غير محدد من جثث لمقاتلين من الحزب سقطوا في ارض المعركة وسحبتهم القوات المعتدية الى داخل أراضيها… وغيرها من الخروقات التي اصابت مبدئية الحزب وعقيدته وجوهر مقاومته والتي تجلت في ايار 2000 بحضور جسدي في بنت جبيل لأمين الحزب الراحل السيد حسن نصرالله  في ايار 2000 قال فيها: “ان اسرائيل اوهن من بيت العنكبوت”، وايضاً معلناً الانتصار الالهي في ايلول 2006 وبحضوره الجسدي ايضاً ومن الضاحية الجنوبية، ليطل الامين العام الخلف “المجهول الاقامة” بعد اكثر من ثمانية عشر عاماً ومع تمادي العدوان في خروقاته براً بحراً وجواً واستمرار احتلاله للارض مع توغلات ملحوظة، وبعد اغتيال السلف ومعظم قيادة الحزب مُعدِّلا في جوهر معاني الانتصار معتبراً وفي كلمة مسجلة مسبقاً وممنتجة ومن وراء الشاشة ان الانتصار الحالي بقيادته “يفوق” انتصار تموز 2006 بقيادة السيد نصرالله.

على ما تقدم يصبح السؤال المشروع الشرعي والمنطقي: هل ان الأمين العام نعيم قاسم اتى ليكمل ما تأسس عليه الحزب وارساه أمناء الحزب السابقون الراحلون او اتى لينقض؟

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: