كي لا تبقى معاناتهم مجرد روايات تتناقلها الأجيال، عن سجون اشبه بالمسالخ البشرية، عاش فيها المعتقلون اللبنانيون في السجون السورية، حيث مارس فيها الجلادون ابشع أنواع التعذيب والإذلال البشري، عاد الملف ليبرز من جديد بعد سقوط بشار الأسد، فعادت معه مشاهد الإجرام والقتل البطيء والصور السوداء، التي تختصر ويلات ما عاشوه على مدى عقود من الزمن، فقط لانهم طالبوا بسيادة وإستقلال لبنان والتصدّي للاحتلال السوري، فتناستهم دولتهم ولم تسأل عنهم، فيما قضيتهم حاكت نضالات سنوات وسنوات وراء قضبان السجون السورية، ضمن لحظات ودقائق وساعات وايام لا تنتسى مهما ساعدتهم نعمة النسيان، لان الواقع الأليم كان يُختصر بأساليب تعذيبية لا يستطيع الإنسان تحّملها، ومع ذلك تحّملها َمن يؤمن بقضية هي أسمى من كل شيء، انها قضية وطن أمن فيه أبناؤه الى ابعد الحدود، فدفعوا الغالي لأجله في تلك الاقبية الوحشية، لكن وفي نهاية المطاف تحققت عدالة السماء ولو طال الزمن، فإنتصر النور على أهل الظلمة، في إنتظار الامل الذي يُطيّب قلوب الاهالي.
للإطلاع أكثر على جديد الملف، أجرى موقع LebTalks حديثاً مع رئيس جمعية المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية علي ابو دهن، فأشار الى انّ العمل جار بقوة للبحث عن المعتقلين اللبنانيين خصوصاً القدامى منهم، مع الاحترام الكامل لكل المعتقلين، لكننا نلاقي صعوبات كثيرة لانّ من ظهر منهم كان فاقداً للذاكرة، لذا لا نستطيع تبني احداً منهم، وعلى سبيل المثال المعتقل الذي ظهر في وسائل الاعلام وقال انه يدعى كلود الخوري، لربما يردّد إسم احد المعتقلين الذين كانوا معه في السجن، لذا نتريّث بإعلان هويته لاننا نحتاج للكثير من البحث لمعرفة الحقيقة. وقال: “خلال شهر من اليوم ستظهر الأدلة ونأمل ان تكون إيجابية، ويخرج العديد من المعتقلين أحياءً”.
ورداً على سؤال حول مدى وجود تعاون بين جمعية المعتقلين والحكومة السورية الجديدة، أوضح ابو دهن انّ الاتصالات قائمة معها، وقد أصدرت بياناً رسيماً بأنها ستعالج قضية المعتقلين السوريين واللبنانيين، لكن اليوم هنالك بعض الفوضى في سوريا، اذ إنتقل المعتقلون الى أماكن لا يعرفها سوى النظام السابق الذي قام بذلك، لذا فالمهمة تحتاج الى وقت في ظل وجود سجون سرّية، وظهور مقابر جماعية تضم اكثر من مئة الف جثة.
وعن دور الدولة اللبنانية في الملف، لفت الى وجود لجنة اساسية متابعة للقضية، مؤلفة من رئيسها مدعي عام بيروت القاضي زياد ابي حيدر، والقاضي جورج رزق الوحيد الذي إستمر في اللجنة التي تشكلّت منذ العام 2005، لكن باقي الاعضاء غادروها، وهنالك ايضاً العميد علي طه ضمنها.
وختم ابو دهن: “عدد المعتقلين اللبنانيين شارف على 800، ونؤكد بأنّ الاتصالات جارية مع كل المعنيين والسياسيين والاحزاب لمساعدتنا في إنهاء هذه القضية الانسانية ، ولن نتخلى عنها على الاطلاق، وعلى الاهالي الذين صبروا اكثر من اربعين عاماً، ان يصبروا شهراً لان الامل موجود دائماً”.