لينا البيطار
لم يكن ينقصُ قطاع السيارات المستوردَة ومعارضها سوى الحرب المستمرة على لبنان منذ أكثر من شهر بحيث ينطبقُ عليه المثل الشعبي القائل “إكتمل النُقل بالزرعرور”، وهو توصيف لمصيبة أو مشكلة لم تكن بالحسبان تُضاف الى مصائب أخرى، فالقطاع يترنحُ على هاوية الانهيار منذ ما قبل الأزمة الاقتصادية التى تفشت منذ العام 2019 الى أن وصلت نسبة الخسائر فيه الى 98% مع بدء العدوان المتواصل على لبنان كله منذ أكثر من شهر.
منذ حوالي سنتين، بدأ “التراجع الدراماتيكي” لقطاع السيارات المستوردة خصوصاً بعد إقرار الزيادة على الرسم الجمركي من 15 ألف ليرة مقابل الدولار الواحد الى 86 ألفاً ما دفع بالعديد من أصحاب المعارض الى إقفالها بشكلٍ نهائي والانتقال الى دولٍ عربية أخرى أو الى قبرص واليونان و أفريقيا وحتى أوروبا، ما شكّل خسائر فادحة لخزينة الدولة كما للمستوردين ولأصحاب المعارض، خصوصاً اذا ما عرفنا بأن هذا القطاع هو “الرافد الثاني” لخزينة الدولة بعد المشتقات النفطية، وأنه يشكّل حلقة حيوية في سلسلة الدورة الاقتصادية المتشابكة، علماً أنه في الفترة الأخيرة شهدت أسعار السيارات المستوردة المعروضة انخفاضاً ملحوظاً بحيث تمّ بيعها بـ”رسمالها” أي من دون ربح بهدف تأمين السيولة لدفع الرسوم الجمركية والأكلاف التشغيلية الأخرى، كما أن بعض أصحاب المعارض عمد الى إعادة تصدير السيارات وبيعها في دول أخرى لتخفيف حجم الخسائر التي تتراكم عليهم بدءاً بالسيارات المركونة داخل مرفأ بيروت الى تلك “النائمة” داخل المعارض التي تبلغ حوالي 3 الآف على كامل الأراضي اللبنانية، مع الإشارة الى أن الأزمة المصرفية زادت “الطين بلّة” إذ انتفت عمليات تقسيط السيارات عبر المصارف من قبل المواطنين وكذلك التحاويل الخارجية من قبل التجار لدول المنشأ أو تلك المصنّعة، أضف الى ذلك إقفال مصلحة تسجيل السيارات والآليات (النافعة) خلال مراحل زمنية متلاحقة، ما تسبّب بعدم القدرة على تسجيل السيارات وبالتالي رفض المواطن شراء سيارة من دون تسجيل.
العدوان الأخير على لبنان تسبّب بشللٍ كلي للقطاع المترنّح أصلاً على خط الإقفال، كما أجبر أصحاب المعارض على إفراغها ونقل سياراتهم الى أمكنة آمنة، خصوصاً تلك الموجودة في الجنوب وضاحية بيروت الجنوبية لأن غالبية هذه المعارض مكشوفة من دون سقوف وهي تلتزم بمعايير السلامة العامة.
هي “أزمة وجودية” تُضاف الى عشرات الأزمات المتراكمة مع تسجيل خسائر طالت نحو 10 الآف سيارة من خلال الاحتراق أو التضرّر في وقتٍ لا تغطي شركات التأمين خسائر الحروب.. فهل مَن أو ما يُعوّض على هذا القطاع الحيوي خسائره ليستطيع النهوض من جديد من تحت الأنقاض والركام!!