Search
Close this search box.

قمّةُ لوكارنو بين المُرتجى والمتوقّع…وأوكرانيا من دون أفقِ سلام 

WhatsApp-Image-2024-06-16-at-11.44.21-AM

في الوقت الذي يفرضُ فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إستسلام كييف كشرطٍ لأي سلامٍ، يجتمعُ حلفاءُ أوكرانيا نهاية اليوم في قمّةٍ لدعم كييف.

  • شروط بوتين لإحلال السلام مع أوكرانيا والغرب

إذا كان السلامُ ك”رقصة التانغو” بحاجة الى شريكين، فإن هذا الأمر يجعلُ القمّة المرتقَبة قاصرةً من الأساس عن إنهاء الحرب في أوكرانيا وإحلال السلام، خصوصاً في غياب روسيا التي لم تتمّ دعوتها للمشاركة في ظل موقفٍ أميركي رافضٍ لمقترحات بوتين للسلام مع أوكرانيا.
اللقاء الموسّع في “لوكارنو” الذي انعقدَ بطلبٍ من الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي تعرّضَ ﻻنتكاسةٍ سبقت انعقاده، إذ أعلن الرئيس الروسي أمام كوادر وزارة الخارجية الروسية رفضه للمخطّطات التي تهدفُ الى حرف الأنظار عن المسؤولين الحقيقيين عن النزاع وهم “كييف ” والغرب، مشترطاً لأية مفاوضات حول سلامٍ هادفٍ بنظره ولإصدار أمرٍ فوري بوقف إطلاق النار، إستسلام كييف و انسحاب القوات الأوكرانية من الأراضي التي ضمتها موسكو أي دونتسك، لوانسك، خرسون، وزابوراجيا بما فيها المدن وتخلّي أوكرانيا عن مشروع اﻻنضمام لحلف الناتو. 

  • معركة دبلوماسية أوكرانية مقابل كسب ميداني روسي

هذا الموقف الروسي المتشدّد دليلٌ يُضافُ الى أدلةٍ أخرى مُثبتة حول عدم رغبة موسكو في السلام حالياً مع كييف، ليس فقط لأن الحرب تحافظُ على نظامه وبقائه في السلطة، بل وأيضاً لأن القوات الروسية في الميدان وعلى الجبهات في وضع مريح، وهي تقضمُ كل أسبوعٍ أراضٍ من القوات الأوكرانية المفتقِدة للعديد والعتاد، إﻻ أنه وأبعد من السببين أعلاه، فإن الرئيس فلاديمير بوتين يحاولُ كسبَ الوقت بانتظار عودة الرئيس دونالد ترامب الى البيت الأبيض في تشرين الثاني المقبل، والذي يعتقده كسباً ديبلوماسياً وسياسياً له يمكن توظيفه لصالحه مع الرئيس الجمهوري،
ومن الآن وحتى شهر تشرين الثاني المقبل، وحدها معادلات القوى وموازينها ستتحكّم بملف الحرب في أوكرانيا،
من هنا فإن فوائد انعقاد قمّةٍ بحضور أكثر من ٩٠ رئيس دولة وحكومة، وإن بدت في ظاهر الأمور بلا جدوى، إلا أنها تحققُ أهدافاً لا تقلُّ أهميةً بالنسبة للأوكرانيين ليس أقلها : آعادة تأكيد اﻻلتزام الدولي الغربي بدعم كييف وعدم التخلّي عنها وإرسال رسالةً واضحة للرئيس فولوديمير زيلنسكي باستمرار الدعم له، كما أن المعوّل عليه أيضاً من هذا اﻻجتماع الموسّع هو التوصّل الى وضع خارطة طريق لتكون جاهزةً عندما يحينُ موعد التفاوض مع الروس، لذا من الواضح أن كييف تريدُ كسبَ المعركة الديبلوماسية السياسية في مواجهة الكسب الروسي للمعركة العسكرية الميدانية الحالية.

في المعلومات، أن خطة السلام ترتكزُ على عشر نقاطٍ سبقَ للرئيس الأوكراني أن قدّمها في أواخر العام 2022، وتضمّنت انسحاب القوات الروسية من الأراضي الأوكرانية المحتلة وإعادة بسط وحدة الأراضي الأوكرانية وتولّي قضاء دولي خاص مسألة الفصل في جرائم الحرب الروسية وإنشاء نظام أمني- أوروبي جديد.
وفي المعلومات أيضاً أن المباحثات في هذه القمّة الدولية ستُركّز على مسألة الملاحة في البحر الأسود والأمن النووي، أما سائر القضايا الخلافية ومن بينها اﻻنسحاب الروسي من الأراضي الأوكرانية والتعويضات المالية والقضاء الدولي فستُترك للمرحلة الثانية من الخطة.

  • أزمةُ أوكرانيا تسبّبُ المزيد من الشرخ بين العالمَين الشرقي والغربي

قمّةُ لوكارنو في سويسرا اذاً ساحةُ المعركة الديبلوماسية الأوكرانية راهناً وهدف الرئيس الأوكراني من ورائها توسيع مروحة الدعم الدولي لأوكرانيا لتشمل دول الجنوب، وقد بذلَ زيلينسكي جهوداً ضخمة لإقناع زعماء باﻻنتقال الى سويسرا لحضور القمّة، فالهند وافقت على المشاركة فيما الصين والبرازيل اعتذرتا عنها، فضلاً عن العديد من دول الجنوب التي رفضت العقوبات على روسيا و هي تؤيد الرئيس بوتين في حربه على أوكرانيا .
موسكو التي وصفت القمّة “بعملية علاقات عامة للغرب” حيال أوكرانيا توجّهت عبر الرئيس الروسي السابق ديميتري ميدفيديف بتهديدٍ الى الدول الحيادية التي قرّرت المشاركة في القمّة بقوله لهم ” إننا سوف نتذكّرُ ذلك”، وقد سبق هذا الموقف الروسي المتشدّد من قمّة لوكارنو هجماتٌ سيبرانية روسية ضد سويسرا.
بدوره، الرئيس زيلينسكي اتّهمَ الصين بمنع مشاركة بعض الدول في أعمال القمّة، ما يعني تحوّلها الى قمّة الحلفاء الغربيين مضافاً اليها كندا واليابان، ما يُنذرُ بمزيدٍ من الشرخ بين العالمين الغربي والشرقي أو القوى الغربية والقوى الشرقية في إحدى أخطر الأزمات الدولية التي تعيشها الكرة الأرضية.

  • قمّة لوكارنو بين الترجيحات والتوقّعات

مواقف الروس والأوكرانيين حتى الآن لا تزال متباعدةً وغير قابلةٍ للتقارب إذ ليس من المتوقّع من أية قمّة، بما فيها قمة لوكارنو، تحقيق خرقٍ كبير على مستوى الاستنفار العالمي حول الأزمة، من هنا فإن غياب الرئيس الأميركي جو بايدن واستبداله بنائبته كمالا هاريس خير إشارةٍ حول أقصى مدى يمكن أن تحمله تلك القمّة، علماً أن بايدن شاركَ في “قمّة السبعة” حيث أُبرمت خلالها الأعمال المهمة مثل توقيع الاتفاقية الأمنية و الدفاعية بين أوكرانيا والوﻻيات المتحدة الأميركية، والتي تُلزمُ واشنطن بالمعونة العسكرية لأوكرانيا مدة عشر سنوات.
ملف أوكرانيا ﻻ يزال بعيداً عن الحل … وكل اﻻحتمالات تبقى واردة إن على الساحة الديبلوماسية العالمية أو على الساحة العسكرية، إﻻ أن الأكيد بأن طغيان الأجواء اﻻنتخابية الرئاسية في أميركا على ما عداها في هذه المرحلة يُرحّلُ الحلول كافةً الى ما بعد تشرين الثاني من هذا العام .

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: