لم يكن قرار مجموعة العمل المالي لمكافحة الإرهاب وتبييض الأموال، الإبقاء على لبنان مدرجاً على اللائحة الرمادية، للعام الثاني، إلا انذاراً بخطورة ما ينتظر لبنان مستقبلاً في حال لم يلتزم بالإجراءات المطلوبة من المجموعة والتي باتت معروفة.
وبينما تجهد الحكومة والبرلمان وحاكم مصرف لبنان كريم سعيد، في العمل من أجل تأمين الإلتزام بالمعايير والقوانين الدولية، فإن مسار الخروج من اللائحة الرمادية يبدو شائكاً، بحسب ما تؤكد مرجعية إقتصادية لموقع LebTalks، حيث أن مجموعة العمل المالي طرحت خارطة طريق للخروج من هذا الواقع، وحددت إجراءات معينة أبرزها معالجة الثغرات في القوانين التي تكافح تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، عبر الحد من اقتصاد الكاش ومتابعة عمل الشركات والمؤسسات الخاضعة للعقوبات.
ولم تكن الضجة التي أثارها تعميم وزير العدل الأخير الذي ينظم عمل كتاب العدل في مجال التعاطي مع الأشخاص المشمولين بالعقوبات كما بالتدقيق في مصادر الأموال التي تدفع في عمليات البيع والشراء، إلا المؤشر على ردود الفعل السياسية وخصوصاً من فريق الثنائي الشيعي وحلفائه، تجاه أحد الإجراءات المتخذة والضرورية من أجل تفادي التصنيف الرمادي.
وعلى الرغم من الحملات الأمنية المكثفة والمركزة في مجال مكافحة إنتاج وتهريب المخدرات، والتشريعات النيابية الأخيرة المتعلقة برفع السرية المصرفية، وتعاميم وإجراءات مصرف لبنان المركزي في مجال، ضبط وتنظيم التداولات النقدية خصوصاً تلك التي تجري خارج إطار شركات تحويل الأموال المعروفة والمرخصة، تتحدث المرجعية عن أن تصويب قيادات ونواب الثنائي الشيعي على حاكم مصرف لبنان، يأتي في سياق قيامه بمهامه في اتخاذ إجراءات إصلاحية تؤمن عودة الوضع النقدي إلى ما كان عليه قبل الإنهيار في العام 2019.
ومن هنا، فإن المؤسسات التي تتعامل بالكاش لا سيما شركات تحويل الأموال المرخصة من مصرف لبنان، ملتزمة بالكامل بكل الإجراءات التنظيمية وبالمعايير الدولية، باستثناء تلك التي تعمل من دون أي ترخيص والتي تستخدم مواجهة وممر من أجل إدخال الأموال النقدية لـ"حزب الله" والأطراف التي تدور في فلكه، والتي وجدت نفسها أمام واقع تنظيمي عبر الإجراءات المالية والقضائية الجديدة.
وعلى هذا الأساس، كان لافتاً الهجوم "الممانع" على سعيد بسبب رفضه استمرار الوضع على ما هو عليه وبقاء الإقتصاد الأسود في البلاد على حساب الإقتصاد الشرعي.