كلما اقتربت الانتخابات النيابية، كلما زاد منسوب الحملات والحملات المضادة، والرأي العام ينشغل فيها، بغض النظر عن مصداقيتها أو حقيقتها. فقد تم التداول على مواقع التواصل في اليومين الأخيرين ما سمي "عرقلة بناء مسجد في الاشرفية"، وتم تحميل الاحزاب المسيحية وفي مقدمتها "القوات اللبنانية" و"الكتائب اللبنانية" مسؤولية هذه العرقلة.
مصدر نيابي قال لـِLebTalks إنه "لا اشكالية في اعادة بناء المسجد، إنما المشكلة تتعلق بمحاولة ضم قطعتي أرض مجاورتين لزيادة عامل استثمار لبناء مبنى كبير من عدة طبقات وليس المسجد بحد ذاته، وهذا يتطلب اجراءات قانونية وتنظيمية كانت عالقة لسنوات وليست جديدة، كما انه لم يحصل اي تدخل من قبل نواب في بيروت الاولى بهذا الموضوع وهو يعالج من قبل الجهات المختصة بحسب الأصول".
فماذا في تفاصيل المسألة، وفي خلفيتها التاريخية والقانونية والهندسية؟
كشف مصدر ديني عن أن "هذا المسجد مسجلٌّ في سجلات الأوقاف الإسلامية بإسم "مسجد التوبة" وقد شُيّد في العام 1935 في أيام أمين الفتوى في الجمهورية اللبنانية الشيخ مختار العلايلي ودُمّر في بداية الحرب الأهلية بالكامل في العام ١٩٧٥ ولا يزال حتى اليوم مدمراً. المسجد، يحمل أكثر من تسمية، فهو مسجد التوبة نسبةً الى "سورة التوبة" في القرآن الكريم التي لها ميزات عدة، منها أنها السورة الوحيدة التي لا توجد فيها "بسملة". أما بالعامية فهو يُدعى مسجد الحسنين أو مسجد رأس النبع الشرقي أو مسجد البرجاوي".
أضاف المصدر أن "مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان قد سبق وكلف لجنة لإعادة إعمار المسجد منذ ثماني سنوات، وقد واجهت اللجنة الكثير من العراقيل والعقبات لأن مجالس البلديات التي تعاقبت وضعت يدها على نحو ١١٠ أمتار من مساحة أرض المسجد من أجل توسعة الطريق من دون العودة الى الطرق القانونية المرعية الإجراء ومنها تعيين لجان تخمين واستملاك، كما وضع تخطيط غير مباشر تم تنفيذه على حساب أرض الجامع، وصودف وجود ثلاث "فضلات" صغيرة الحجم بمساحة ٩٠ متراً تقريباً وضعت اليد عليها بقرار من بلدية بيروت من دون أي عقد مكتوب".
وقال المصدر: "بعد الحرب الأهلية تم السماح بإعادة بناء المسجد لكن أحد مسؤولي الأوقاف طالب بإظهار حدود بدل أن يطالب بإعمار المسجد، علماً أن هناك قانون صادر عن مجلس النواب وقد تم تمديده مرات عدة، نص على أن أي بناء تهدّم خلال الحرب الأهلية يمكن إعادة بنائه حسب الوضع الذي كان قائماً عليه من دون الحصول على رخصة".
وختم المصدر: "هناك اليوم الكثير من المزايدات في هذا الموضوع في محاولة لمنع إعادة بناء المسجد، فيما تحرص المرجعيات الدينية على إعادة الإعمار بعيداً من إثارة النعرات الطائفية. وهناك عمل جدي جداً من قبل النائب فؤاد مخزومي الذي يتابع الموضوع شخصياً من أجل حلحلة الأمور وإزالة كل العراقيل القائمة وليأخذ كل "ذي حق حقه".
وفي السياق عينه، كشف مصدر مطلع في بلدية بيروت عن أن "المسجد هو ملك الأوقاف الاسلامية وهناك ثلاث قطع متباعدة قليلاً وهي ما يُسمى بالفضلات، واللجنة المشرفة على المسجد والتي تريد إعادة إعماره تحاول منذ ثماني سنوات مقايضة مساحة الـ١١٠أمتار التي أخذتها البلدية لتوسعة الشارع بمعنى أنها تريد الفضلات بدل الأمتار. وقد جرى حديث في الماضي عن دفع ثمن هذه الفضلات لتزاد الى الجامع، من هنا فأن مبدأ المقايضة سيأخذ وقتاً طويلاً، فقطعة الأرض التي هي مساحة الجامع تبلغ نحو ٤٠٠ متر والخريطة الموجودة أصلاً له هي على هذه المساحة ولا شيء يمنع بناءه".
أضاف: "هم يفاوضون من أجل تشييد مكاتب ومبنى سكني على القطعة الثانية ويريدون أخذ الفضلات لزيادة عامل الاستثمار وهذا الأمر لا يؤثر على الجامع، كما هناك حديث آخر عن زيادة مواقف للسيارات فوق مساحة القطعتين، علماً أنه يمكنهم اليوم قبل الغد تشييد المسجد بتقديم رخصة على مساحة الـ ٤٠٠ متر، فالخريطة الأساسية موجودة على هذه المساحة وليس على كامل مساحة الأرض، واذا تم الانتهاء من قضية الفضلات يتم تشييد المبنى على القطعة الثانية من الأرض لزيادة الاستثمار ما سيساهم في حل مسألة الفضلات وعندها يمكن فتح المواقف على بعضها البعض".
وختم المصدر: "لا شيء يمنع إعادة إعمار الجامع لكنهم يفاوضون على المبنى الثاني فهم يريدون إما دفع ثمن الفضلات أو المقايضة عليها واذا انتهى الموضوع بمقايضة الفضلات ينتهي الأمر وإلا عندها يجب أن نعرف كم ستدفع الدولة مقابل الأمتار الـ١١٠ التي أخذتها وما اذا كان يحق استرجاع الأموال أو المقايضة. وفي الحالة الأخيرة يجب شراء الفضلات من البلدية لتزاد على الجامع بما أنه تمت زيادة الاستثمار. واذا المطلوب تشييد المسجد الآن على أرضه فيجب أخذ رخصة جديدة لأن الرخصة القديمة كانت تشمل المبنى على القطعة الثانية والتي تضم فيها الفضلات مع أرض الجامع واستثمار المبنى الثاني، لكن الآن يجب فصل كل ذلك وأخذ رخصة على أرض الجامع فقط".
ورداً على ما قيل عن زيارة مفترضة لنواب بيروت الاولى الى رئيس المجلس البلدي لبيروت المهندس ابراهيم زيدان و"تهديده" بمسالة إعادة إعمار المسجد، فقد جزمت مصادر زيدان بأن الزيارة لم تحصل وكل ما قيل مجرد فبركات مردودة على أصحابها، وطلبت المصادر مراجهة الجهات المختصة مباشرة لمعرفة الحقيقة في كل مسألة تثار، بدل التلهي بفبركات معروفة الأهداف.