لا فصل بين القرارين 1701 و1559 واتفاق الطائف

hdoud

كتب جورج أبو صعب:

إعتادَ اللبنانيون وبخاصة فريق ما يُسمّى بالممانعة والمقاومة، على تحوير وتحريف النصوص الدستورية والقانونية بشكلٍ فاضحٍ وملتوٍ، خدمةً لمصالح أجنداته السياسية الإقليمية، لكن في النهاية النص نص ولا يجوز الاجتهاد في حضرته، كما لا يجوز اختلاق الاجتهادات المسيّسة كما حصل بالنسبة للمادة 49 من الدستور.

آخر البدع التي يطالعنا به هذا الفريق والممثَّل بالرئيسين نبيه برّي ونجيب ميقاتي مطالبتهما بوقف إطلاق النار وتطبيق القرار 1701، وهو موقفٌ أقل ما يُقال عنه بأنه إعلامي لا مضموناً حقيقياً له، إذ إن القرار 1701 والذي عمره 16 سنة لم يجد يوماً طريقه الى التطبيق الكلي فتمت تجزأته بما يرضي حزب الله وسلاحه ومشروعه منذ ذلك الحين وحتى اندلاع الحرب الحالية على لبنان. والأدهى أن الرئيسين يُطالبان بوقف إطلاق النار وتطبيق القرار 1701 وكأنهما يجهلان أن إسرائيل بنيامين نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرّفة ستقبلُ بوقف إطلاق نار يعطي حزب الله فرصةً لإعادة تنظيم صفوفه وعودته لتهديد إسرائيل بمنظار حكامها، أو أنها ستقبلُ بالقرار 1701، وقد بات هذا القرار بالنسبة لتل أبيب وراءها ما لم تضاف اليه ضمانات سياسية وأمنية وميدانية جديدة تضعه تحت “الفصل السابع”، الأمر الذي يرفضه الجانب اللبناني، وبالتالي فإن السؤال البديهي المطروح هو: هل نفّذَ الجانب اللبناني  القرار 1701 سابقاً بشكلٍ كامل قبل أن يعود ويطالب اليوم بتطبيقه؟

وهل تراجع حزب الله عن مساندته لغزّة لكي يعود اليوم ويطالب، عبر الرئيسين بري وميقاتي، بوقف لإطلاق النار وهو الذي بادر في الثامن من تشرين بفتح النار على العدو الإسرائيلي؟

هل يُدرك ُالرئيسان برّي وميقاتي أن المطالبة بتطبيق القرار 1701 يعني :

-أولاً: المطالبة بتطبيق القرار 1559.

ثانياً: تجريد حزب الله من سلاحه.

-ثالثاً: تطبيق اتفاق الطائف المستنِد الى اتفاقية الهدنة في العام 1984.

هذه المحاور الثلاثة موجودة بأبهى حُللها في القرار 1701، فهل بات الجانب اللبناني مستعدّاً لتنفيذها؟

ولمزيدٍ من الوضوح، دعونا ندخل في أعماق القرار 1701 وأبرز ما يهمنا من مضمونه:

في البند الثالث من القرار جاء ما حرفيته “، يؤكد أهمية بسط سيطرة حكومة لبنان على جميع الأراضي اللبنانية وفق أحكام القرار 1559 ( 2004) والقرار 1680 (2006) والأحكام ذات الصلة من اتفاق الطائف، حتى لا تكون هناك أسلحة من دون موافقة حكومة لبنان ولا سلطة غير سلطة حكومة لبنان”.

ما يعني أن هذا النص من القرار 1701 يستندُ الى القرارين 1559 و1680 واتفاق الطائف، وبالتالي فإن تنفيذ القرار 1701 يمرُّ حتماً بتنفيذ القرار 1559 و1680، فهل يطالب الرئيسان برّي وميقاتي بتنفيذ القرارين المذكورين؟

المعلوم أن القرار 1559 المعتمَد من مجلس الأمن بتاريخ 2 أيلول 2004 نصَّ على تجريد جميع الميليشيات، بما فيها حزب الله، من السلاح غير الشرعي اللبناني وغير اللبناني وانسحاب كافة القوى الأجنبية المحتلة من الأراضي اللبنانية .

 كما من المعلوم أن وثيقة الوفاق الوطني أو ما عُرِفَ باتفاق الطائف نصَّ في الفقرة السيادية منه ( ثالثاً) على”استعادة سلطة الدولة حتى الحدود اللبنانية المعترف بها دولياً من خلال العمل على تنفيذ القرار 425 وسائر قرارات مجلس الأمن الدولي القاضية بإزالة الاحتلال الإسرائيلي إزالةً شاملة، والتمسّك باتفاقية الهدنة الموقعة في 23 آذار1949″.

بالتالي حتى اتفاق الطائف ربطَ نفسه بالقرارات الدولية، من القرار 425 وما تلاها من قرارات ومن ضمنها القرار 1559 و1680 واعتماد اتفاقية الهدنة للعام 1949.

وبالعودة الى القرار 1701، جاء في الفقرة 8 منه ما حرفيته “التنفيذ الكامل للأحكام ذات الصلة من اتفاق الطائف والقرارين 1559 و1680 التي تطالب بنزع سلاح كل الجماعات المسلّحة في لبنان حتى لا تكون هناك أية أسلحة أو سلطة في لبنان عدا ما يخص الدولة اللبنانية عملاً بما قرّره مجلس الوزراء اللبناني المؤرخ في 27 تموز 2006 “.

وهذه الفقرة من القرار تدفع للسؤال عما تحقّق منها في خلال السنوات الماضية من العام 2006 الى الآن، لا بل ما الذي نفّذ حزب الله منه وقد خالفَ الثنائي الشيعي منطوق ومضمون هذه الفقرة، وها هو اليوم يريد إقناع المجتمع الدولي بأنه عاد ليقبل بها، فهل وافقَ أخيراً على نزع سلاحه؟

في نص القرار 1701 جاء أيضاً في الفقرة رقم 10 منه ما حرفيته: “يُطلب الى الأمين العام أن يضع مقترحاتٍ لتنفيذ الأحكام ذات الصلة من اتفاق الطائف والقرارين 1559 و1680 بما في ذلك نزع السلاح وترسيم الحدود الدولية للبنان ومعالجة مسألة منطقة مزارع شبعا”.

هذه الفقرة إن دلّت على شيء فعلى أمرين أساسيين :

-الأول: ربط القرار 1701 والقرارين 1559 و1680 باتفاق الطائف في آليات التنفيذ وبخاصة الفقرة (ثالثاً) من الوثيقة الوطنية، فآليات التنفيذ المطلوبة تشمل بحسب القرار 1701 اتفاق الطائف والقرارين الدوليين في آن، ما يدّل على الترابط بين القرارَين الأمميَين واتفاق الطائف في الشقّ الخاص ببند السيادة الذي عرضناه أعلاه.

-الثاني: القرار 1701 وضع آلية تنفيذية من خلال الأمين العام لترسيم الحدود الدولية وحل مسألة مزارع شبعا، فأين كان الثنائي الشيعي من هذه الآليات التي رفضها منذ سنوات مصرّاً على تبرير سلاح غير شرعي في مزارع شبعا واحتلال إسرائيل لأراضٍ لبنانية ليعود اليوم ويقبل بها بمطالبته بتطبيق القرار 1701؟

 وبالتالي بعد هذا العرض نستخلص الاتي :

-القرار 1701 مرتكزٌ على القرارين 1559 و1680 ولا بدَّ من تنفيذهما لتنفيذ القرار 1701 الذي ربط بين اتفاق الطائف والقرارين الأمميين 1559 و1680، وبالتالي لا إمكانية للفصل بينهم ولا سيما بين القرار 1701 والقرار 1559.

لترابط القرارات المُشار اليها مع اتفاق الطائف ما يُسقِطُ نظرية “شرعنة المقاومة وسلاحها” وشرعية أي بيانٍ وزاري اعترفً بسلاح ممنوع أممياً وفقاً للقرارات الأممية، وبالتالي سقوط المعادلة الثلاثية “شعب وجيش ومقاومة” قانونياً ودولياً لأنها تعارضُ كليا القرار 1701 والقرارات الأممية ذات الصلة واتفاق الطائف.

وعليه فإن كل ما يُقال ويُشاع عكس ذلك منافٍ للحقيقة والواقع ومصلحة لبنان .

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: