لبنان وسوريا: تلازم مصير لا مسار

lebanon syria

مما لا شك فيه في الجيو سياسة ان ما يصيب سوريا يلحق لبنان وما يصيب لبنان يلحق سوريا فالمصير بهذا المعنى وإن لم يكن حتمياً إلا انه ذات تأثير وتأثر متبادلين.

من هذا المنطلق يمكن القول إن انفراج الوضع السوري ينعكس حكماً انفراجات في الوضع اللبناني كعودة مئات الاف اللاجئين السوريين إلى سوريا وضبط الحدود الشرقية والشمالية ووقف الانتهاكات الأمنية والعسكرية الحدودية ووقف التهريب ووقف وازدياد المافيات الحدودية قوة وتأثيراً وصولاً إلى انخراط الشركات اللبنانية في مشاريع إعادة إعمار سوريا وانتزاع ذريعة الاحتفاظ بالسلاح لمواجهة التطرف السني في المقلب الاخر من الحدود وتسهيل التعاون الثنائي في شتى المجالات التي يحتاجها لبنان من يوريا وسوريا من لبنان.

من هنا أهمية استكمال العملية السياسية في سوريا وتأمين الاستقرار الامني والقانوني بيد الدولة خاصة وان التقارير الديبلوماسية كما بعض التقارير الإعلامية تشير إلى صعوبات جمة تواجه النظام السوري الجديد على الرغم من خطوة الرئيس الاميركي دونالد ترامب برفع العقوبات عن سوريا بناء لوساطة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ومن بين هذه الصعوبات انهيار الاقتصاد والمالية العامة في سوريا والتي وكما أشار وزير الخارجية الاميركي ماركو روبيو مؤخرا ستؤدي في خلال أسابيع إلى انهيار الوضع السوري ما يعني عودة شبح التقسيم والتفتيت يتهدد وحدة البلاد.

طبعاً وكما بات معلوماً لن يستطيع الرئيس احمد الشرع لوحده مواجهة التهديدات الداخلية ما لم تتضافر جهود الدول العربية والخليجية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات وسواهما لضخ الاموال والاستثمارات، الأمر المرتبط بدوره بسلسلة من الضمانات المطلوبة من النظام السوري الجديد لضمان امن واستقرار الوضع السوري الداخلي المشجع على الاستثمارات رغم ان أغلب الظن أنه ليس من مصلحة العرب ودول الخليج وعلى المساحة الجيو سياسية الاقليمية الحالية ترك سوريا لمصيرها بعدما نجحت الرياض في جذب احمد الشرع ووضعه تحت العباءة العربية بدل التركية، وهذه واحدة من الإنجازات التي تسجل لولي العهد السعودي والتي توجها انعقاد القمة الثلاثية أثناء زيارة الرئيس ترامب للمملكة مؤخراً.

من هنا فإن دور سوريا في المنطقة محوري لأنه يطال ويؤثر في محيطها ويوجب عليها الاخذ في الحسبان لكافة المصالح المتداخلة ومنها أمن لبنان والأردن وإسرائيل في ظل ما بات معلوماً بان لواشنطن مطالب قدمتها للشرع ومنها التطبيع والسلام مع إسرائيل لضمان امنها واستقرار مصالحها في سوريا وبخاصة على حدودها.

فالمسؤوليات على عاتق النظام السوري جمة وليس أدناها تمكن الشرع من وقف الأعمال المعادية من سوريا باتجاه لبنان والأردن والخليج.

فالاستقرار في قلب المعالجة السعودية والاميركية في سوريا وقد نجحت السعودية ومن خلالها الشرع في تثبيت دور الأخير ولو مؤقتا كرئيس مرحلة انتقالية بالغة التعقيد لسوريا وطي صفحة اعتبار أحمد الشرع إرهابياً آتً من خلفية ارهابية.

أفلم يكن الراحل ياسر عرفات يوماً موسوماً بالارهاب وملاحق دولياً بهذه الصفة ومع ذلك عاد وأصبح جليس الجميع وقاد اتفاقيات مع الولايات المتحدة وإسرائيل وبات الرقم الفلسطيني الصعب الذي لا يمكن القفز فوقه في المعادلة الفلسطينية؟

أما لبنان فكما سبق وإشرنا الى أن استقرار سوريا ينعكس على لبنان مع اخراج كل الدول من ايران وروسيا من المنطقة والصينيين تحت الجناح العربي الاميركي، يتم السعي من أجل تأمين استقرار سوريا بغية انهاء اي حاضنة غير عربية في سوريا ومعه انهاء أي مبرر للسلاح غير الشرعي بعد استتباب امن الحدود وامن الداخل السوري بما ينزع من حزب الله أي ذريعة لمنع تسليم السلاح.

المطلوب من لبنان أمران: حصر السلاح بيد الدولة وإطلاق ورشة الإصلاحات الهيكلية، ومن هنا فإن غياب رئيس الجمهورية جوزاف عون عن لقاءات ترامب في المملكة كان سببه عدم وجود ما يقدمه عون ويمكن الإعلان عنه كانجاز او تقدم كتنفيذ بند حصر السلاح الذي لو تحقق فعلياً لكان بالامكان حضور عون القمة في السعودية.

لبنان أمام فرصة ذهبية لاستعادة نفسه وزمام مصيره قبل وبعد زيارة ترامب للخليج فسوريا متجهة نحو الخليج والغرب في ظل تراجع النفوذ الروسي وانتهاء النفوذ الايراني إلى غير رجعة.

ومن هنا فان إسرائيل ستستكمل ضرب الحزب وقياداته وبناه التحتية فلا ضمانات لحزب الله طالما احتفظ بسلاحه ولا توقف لإسرائيل طالما رأت أمنها مهدداً وايران في انكفاء وضعف خوفاً من ضربة اسرائيلية لها سيما وأن التباين كي لا نقول الخلاف بين الرئيس دونالد ترامب ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتيناهو في الملف النووي ينذر بإمكانية إقدام إسرائيل على توجيه ضربة للنووي الإيراني رغم المفاوضات الأميركية – الإيرانية.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: