أعلنت إدارة الإعلام والاتصال في وزارة الدفاع السورية أن وحدات حرس الحدود أوقفت 12 شخصاً أثناء محاولتهم التسلل إلى الأراضي السورية عبر الحدود اللبنانية، بينهم عناصر وضباط على صلة مباشرة بالنظام السابق، مؤكدة أن الموقوفين سيحالون إلى الجهات المختصة لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.
غير أن هذه الخطوة، على أهميتها الأمنية، لا يمكن فصلها عن ملف بالغ الحساسية بات يفرض نفسه بقوة على العلاقات اللبنانية - السورية، في ظل مؤشرات متزايدة إلى امتعاض دمشق من وجود آلاف الضباط السوريين السابقين، ولا سيما المحسوبين على نظام بشار الأسد ومن وحدات النخبة في الفرقة الرابعة، داخل الأراضي اللبنانية.
وتشير المعطيات إلى أن بعض هؤلاء يقيمون في مجمعات سكنية أو مخيمات محددة، وسط اتهامات سورية لهم بتلقي تدريبات عسكرية، وبالقدرة على التحرك المنظم في أي لحظة ضد السلطة السورية الجديدة.
وفي موازاة ذلك، برزت خلال الفترة الماضية حادثة اختطاف وتصفية أحد الضباط السابقين المنتمين إلى قوات سهيل الحسن، قائد الفرقة 25 الذي لعب دوراً محورياً في معارك مفصلية خاضتها الحكومة السورية، لا سيما في حلب ومحيط دمشق الشرقي، كما يعرف عن الحسن متانة علاقته بروسيا وقد حظي بإشادة علنية من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال إحدى زياراته إلى سوريا.
وبغض النظر عن الملابسات الدقيقة لهذه الحادثة، إلا أنها فتحت الباب واسعاً أمام مسار أمني بالغ الخطورة، انعكس وفق تقارير ومعطيات متقاطعة بتحرك تركي هدفه طمأنة حزب الله حيال عدم نية دمشق الإقدام على أي خطوة تصعيدية ضده، مقابل التزام الحزب بالحفاظ على استقرار الداخل السوري وعدم تحريك أي مجموعات من لبنان أو من الساحل السوري.
وفي هذا السياق، كشفت معلومات خاصة لموقع LebTalks أن من بين الضباط المطلوبين غياث دلة، الذي تردد أنه موجود في لبنان، وهو أحد المتورطين في أحداث الساحل التي وقعت في شهر آذار الماضي، وكانت ذكرت صحيفة "ذا ناشيونال" إن دلة، طلب دعماً مالياً بمئات ملايين الدولارات من إيران بهدف اعادة تشكيل ميليشيا موالية لطهران داخل سوريا.
كما توافرت معلومات عن وجود جميل الحسن وعبد السلام محمود داخل الأراضي اللبنانية، في وقت كان الإنتربول الدولي قد أبلغ السلطات اللبنانية سابقاً، بأن الحسن ومحمود، إلى جانب نحو ثلاثين ضابطاً آخرين موجودون في لبنان، مطالباً بتسليم الحسن تحديداً إلى الولايات المتحدة.
ولا يخفى أيضاً أن فرنسا كانت قد وجهت استنابة قضائية تطالب فيها بملاحقة الرجلين، مؤكدة امتلاكها معلومات دقيقة عن مكان وجودهما في لبنان، وقد زودت باريس الجانب اللبناني بأرقام هواتف لبنانية استخدماها للتواصل.
وبحسب المعلومات أيضاً، جرى تحديد نطاق جغرافي معروف يرجح أنه يوفر لهؤلاء الضباط غطاء أمنياً داخل بيئة حليفة لهم تتكفل بحمايتهم، في ظل معطيات تشير إلى دعم مالي تقدمه جهات دولية لضمان استمرار رعايتهم من قبل مجموعة حزبية مسلحة معروفة تتولى تأمين حمايتهم في عمق مناطق نفوذها.
أمام هذا المشهد المتشابك، ومع إصرار دمشق وحكومة الرئيس أحمد الشرع على استعادة هؤلاء الضباط ومحاسبتهم، يبرز السؤال الأكثر خطورة:
هل تتجه العلاقات اللبنانية - السورية نحو مرحلة توتر مفتوح، أم أن هذا الملف سيتحول إلى عقدة سياسية وأمنية مزمنة تبقي العلاقة بين البلدين معلقة بلا اختراق فعلي ولا أفق للحل؟