“ما خلونا”  امام حقيقة “لبنان القوي”

lebnan-al-9awe

‏”النجاح له الف أب أما الفشل فهو طفل يتيم”

قد يخال البعض ان هذه المقولة نظرية بحتة لا نجد أمثلتها اونماذجها التطبيقية على أرض الواقع الحقيقي.قد يخال البعض أيضا ان ادعاءات اثبات ابوة النجاح ونفيها عند الفشل لا تنطبق على العمل السياسي والوطني العسكري والامني والاقتصادي لما تحمله الانجازات او الاخفافات في مجالاتها من ثوابت واثباتات ودلائل محققة موثقة لا تحمل انتحالا لانجاز لم ينجزه المنتحل ولا تقبل تملصا من فشل تلبّس به المتملّص.

في قراءتنا للحالة العونية مع تكليف العماد ميشال عون رئاسة الحكومة العسكرية الانتقالية في 23 ايلول 1988 مرورا بحروبه في التحرير والالغاء والنفي فالعودة الميمونة في 7 أيار 2005 وتسونامي انتخابات 2005 وانتخابه رئيسا في 31 تشرين الأول 2016 وحتى اللحظة نستطيع ملاحظة وتلّمس التناقض الواضح والفاضح بين الترويج والتهليل  للقوة والوعود والانجازات وبين الواقع المخيّب ومحاولة التملّص من الفشل والإخفاقات ورمي المسؤوليات على “ضحاياه” من الخصوم والأصدقاء  “الحلفاء” منهم و”الأعداء”

 الشواهد والوقائع ذات الدلالة  على ما نقول كثيرة منذ عودة ميشال عون من منفاه وحتى اليوم.

صحيح ان الاتفاق الرباعي والذي حصل على دائرة بعبدا عاليه  في انتخابات 2005 كما يدلّ اسمه بين تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي وحركة أمل وحزب الله افقد التيار “أعضاءً في المجلس النيابي” لكنه أعطى زخما وتسونامي مسيحي استفاد منه التيار اكتساحا في الدوائر المسيحية. الا ان ما لم يلحظه الكثيرون ان التيار المسيحي السيادي استفاد في انتخابات 2005 برفده بآلاف الأصوات الشيعية في كسروان وجبيل وزحلة والمتن الشمالي وبيروت انسجاما مع بنود  “صفقة العودة” والتي أبرمت مع النظام الأمني السوري اللبناني والتي قضت بتحالف التيار “السيادي” مع كل أحزاب وشخصيات تظاهرة 8 آذار  2005.

هذه الشاهدة في “ما خلونا” في دائرة بعبدا عاليه” وتجاهل “خلّونا” في كل الدوائر الأخرى،تنسحب على كل الشواهد اللاحقة مع اختلاف المكان والزمان والموضوع.

توّج التقارب “المستتر” بين التيار والحزب في انتخابات 2005 كما تُرجمَ بالتوقيع العلني على ورقة مار مخايل في 6 شباط 2006 الا ان هذا  التقارب لم يكن وليد ساعته ولا يومه ولا شهوره بل وليد عشرات السنوات من التنسيق  دون انقطاع على ما كشف النائب نواف الموسوي لتلفزيون “أو تي في” في 24 تموز 2018‏:”ليس مفاجأة إن أفصحت أنّ تواصلنا مع العماد عون لم ينقطع منذ 1989″ وهذه المفاجأة عاد وكررها الموسوي في 21 نيسان 2024 لتلفزيون الجديد مضيفا انه “كان مكلفا رسميا من الحزب منذ 1989 بالتنسيق مع ميشال عون وانه بعد عملية “13 تشرين” قام بالتواصل مع “جماعة عون” محاولا تغطيتهم”

بعد انتخابات 2005  واتفاق التيار-الحزب في 2006 قام التيار تحت شعار “المظلومية” مستقويا بالقوى الظالمة نفسها ب”فرض” دخوله الى الحكومة بعد “وضع القطار على السكة” في 7 أيار 2008 وليدّعي “ابوة” قانون الستين في اتفاق الدوحة بشعار ” عون رجّع الحق لصحابه” و”عون رجّع الشراكة للوطن”  ليعود هو نفسه ليقول عن نفس القانون في 12 تشرين الثاني 2012 :”قانون الستين ظالم وهو ضد المبادىء الدستورية.واذا كان القانون لا يعطي تكافؤاً للذين يمثلهم يكون ظالماً والظلم مرتعه وخيم”

منذ انخراط وحضور  التيار الوطني الحر الوازن في الحكومات المتعاقبة منذ العام 2008 بدأت سلسلة “انجازات” عونية في التعطيل والمقاطعة و”الإسقاط” فُرضت بالتكافل والتعاضد مع الحلفاء لتحقيق شروطه الخاصة في الحقائب الوزارية وهنا يستوقفنا كلام مؤسس التيار ميشال عون  عن رئيس التيار صاحب شعار  وذريعة “ما خلونا” عندما قال في 17 آب 2009:”لعيون صهر الجنرال ما تتشكّل الحكومة” ،وكان له ما اراد.

يتذكر الكثيرون كيف استطاع وزراء حلف الأقلية في 12 كانون الثاني 2011 اسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري من دارة ميشال عون في الرابية ليفرض لاحقا الرئيس نجيب ميقاتي رئيسا لحكومة اللون الواحد ويكون للتيار 11 وزير شهدوا على بداية الأزمة السورية وشاركوا باستقبال موجات النازحين غير المنظمة كما شارك وساهم وزراء التيار وتكتل لبنان القوي خصوصا اصحاب الحقائب السيادية”  في الحكومات اللاحقة المتعاقبة في  تفشي أزمة النازحين وتفاقمها في ظل دفاع مستميت عن النظام الرافض لعودة النازحين  والمتسبب بتهجيرهم أصلا وقسرا وكما في تأييد وتغطية التيار المسيحي لانخراط حزب الله في الحرب السورية ومساهمة مقاتلي الحزب في تهجير العدد الأكبر من النازحين السوريين كما في سكوت التيار وتواطئه امام تسهيل الحزب وادارته للنزوح الاقتصادي عبر استمراره وتماديه بتهريب البشر والمواد كافة على خطين، علما ان  التيار الوطني الحر حكم لست سنوات بسلطات كبرى استحوذ عليها  في رئاسة الجمهورية والحكومة والدفاع والجيش والأجهزة الأمنية والقضاء والإدارة… دون ان يتحرك ملف النازحين قيد أنملة واحدة.  

 مع العلم ان قدرة التيار صاحب ذريعة “ما خلونا” تجلّت وتتجلّى في التعيينات الادارية والدبلوماسية والعسكرية والأمنية والقضائية وفي تشكيلات هذه الأخيرة او تجميدها ووضعها في الجارور خدمة للمحسوبين على التيار والمحظيين منه. هنايجدر التذكير كيف استطاع تيار “ما خلونا” مستقويا بحلفائه وقوة وتهديد السلاح من تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية سنتين ونصف لوصول ميشال عون الى قصر بعبدا ليفرض التيار بعده  الهيمنة على كل المواقع المسيحية في الدولة كما استطاع اقصاء وابعاد خصومه من المسيحيين متقاسما “الجبنة” بينه وبين من يتهمهم بالفساد والهيمنة وضرب الشراكة، ناسبا لنفسه وحده انجازات في الأمن والاقتصاد والسدود والكهرباء والترسيم والنفط متملصا بعد وقت او حتى في نفس الوقت  من الفشل الذريع الفظيع  والاخفاقات فيها وفي غيرها…

امام اسقاط  تيار “ما خلونا” مسؤوليته على الآخرين وتحميلها لغيره  نقول مع الكتاب المقدس: “حاول آدم أن يلوم حواء على خطيئته (تكوين 3: 12). حاول قايين أن يتهرب من المسؤولية (تكوين 4: 9). حاول بيلاطس تبرئة ذنبه فيما يتعلق بصلب المسيح، وقال: “أنَا غَيْرُ مَسؤُولٍ عَنْ مَوْتِ هَذَا الرَّجُلِ، إنَّهَا مَسؤُولِيَّتُكُمْ أنْتُمْ” (متى 27: 24)  لنخلص معه ونَقول مُستَخلِصين “كونوا على يَقينٍ انّكُمْ سَتُعَاقَبُونَ عَلَى خَطِيئَتِكُم”(عدد23:32)

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: