تبدو الساحة اللبنانية وكأنها على مشارف فصل جديد من التصعيد المموه، وبينما تتزايد الدعوات الدولية لفتح باب التفاوض المباشر بين بيروت وتل أبيب، يختار "حزب الله" أسلوبه الخاص في الرد، بالعروض الميدانية والاستعراضات العسكرية، كأنما يؤكد أن لغة السلاح لا تزال تتفوق على أي طاولة حوار.
بالتالي، المجتمع الدولي، إلى جانب واشنطن وتل أبيب، يدرك أن مسألة السلاح في لبنان تحولت إلى ثابت صعب تجاوزه، وأن الحزب أعاد بناء قدراته العسكرية بهدوء، بعيداً عن الأضواء والبيانات الرسمية، ومع استمرار هذا النهج، لم يعد احتمال الانزلاق نحو مواجهة شاملة سيناريو بعيداً، بل أصبح احتمالاً يقترب مع كل استعراض جديد يُرفع فيه السلاح أمام الكاميرات، فمواجهة من هذا النوع، إذا حدثت، قد تدفع لبنان إلى منطقة لا يستطيع العودة منها كما في أزماته السابقة.
في المقابل، تكثف الولايات المتحدة والقوى الدولية ضغوطها لدفع لبنان نحو مفاوضات مباشرة مع إسرائيل، خارج الإطار التقليدي للجنة الميكانيزم، التي تقتصر مهامها على مراقبة وقف إطلاق النار دون التعمق في الملفات السياسية أو الأمنية.
وبحسب معلومات حصلت عليها منصة lebtalks، فقد أبلغ رئيس مجلس النواب نبيه بري زواره بأن اللجنة تضم الولايات المتحدة والأمم المتحدة وفرنسا ولبنان وإسرائيل، وبالتالي يمكن تمرير كل الملفات من خلالها من دون الحاجة لأي تفاوض مباشر، ويبدو أن بري يفضل الإبقاء على الأبواب الدبلوماسية ضمن هذا الإطار، لتجنب أي خرق غير محسوب.
غير أن الحزب، وفي توقيت حساس، في توقيت حساس، اختار تصعيد رسائله، إذ يقيم اليوم احتفالاً كبيراً في الضاحية الجنوبية بمناسبة "يوم الشهيد"، يتحدث خلاله نائب الأمين العام نعيم قاسم، يذكر أن الحزب أحيا هذه المناسبة أمس أيضاً من خلال عرض كشفي لمقاتليه في شارع فتح الله بمنطقة البسطا في بيروت، وذلك بعد أسابيع من تنظيم فعالية مماثلة تضمنت استعراضات مشابهة.
هذه الاستعراضات لا يمكن فهمها كطقوس رمزية فحسب، بل تشكل رسائل ميدانية مزدوجة الاتجاه، أولًا إلى الداخل اللبناني، وثانياً إلى الخارج الذي يسعى لتحديد حدود التفاوض، فهل يعتمد الحزب أسلوب التلويح بالقوة كرد على ضغوط الحوار؟ أم أن ما يُحاك خلف الكواليس أخطر من مجرد عرض عسكري؟