ينتظر اللبنانيون الكثير من حاكم مصرف لبنان المركزي كريم سعيد، وتزدحم الملفات مع التحديات على روزنامته التي يبدأ العمل عليها فور قسم اليمين أمام رئيس الجمهورية جوزف عون في الساعات الـ٤٨ المقبلة.
وإذا كانت أزمة ودائع اللبنانيين هي التحدي الأول أمام الحاكم الجديد، إنطلاقاً من كونها المعبر إلى استعادة ثقة اللبنانيين في الداخل والخارج، فإن تحدي إعادة هيكلة القطاع المصرفي هو التحدي الثاني الرئيسي من أجل استعادة مسار التفاوض مع صندوق النقد الدولي تمهيداً للتوافق على برنامج دعم مالي.
إلا أنه وبالإضافة إلى ما تقدم، فإن إخراج لبنان من اللائحة الرمادية عبر مكافحة الإقتصاد النقدي أو اقتصاد الكاش الذي تحول إليه لبنان منذ الإنهيار في العام ٢٠١٩، هو الإستحقاق الداهم، حيث أن لبنان لم يعد يمتلك ترف الوقت في مكافحة تبييض الاموال والالتزام بمعايير “فاتف” بانتظار الأشهر المقبلة وتقييم الوضع المالي، علماً أن وضع حد نهائي للتداول بالكاش يرتبط بعودة المصارف إلى دورها الطبيعي بعد الإصلاحات المطروحة التي باتت واضحة للحكومة وللمصارف.
ويتصل الإصلاح المالي وفق المواكبين بخطوات تعيد الثقة بالسياسات النقدية والمالية، من خلال تعديل جديد لقانون السرية المصرفية ووقف تمويل الدولة والحد من التضخم وحماية الليرة، وصولاً إلى مواجهة اقتصاد الكاش او الاقتصاد الأسود من خلال التعاون مع مجموعة العمل المالي لإخراج لبنان من اللائحة الرمادية وتجنيب لبنان أي تصنيف سلبي جديد.
فالإصلاح كمحطة حكومية أولاً وفي المصرف المركزي ثانياً، هو العنوان للعبور من الركود في ازمة الانهيار إلى مرحلة العمل الجدي والموضوعي للإنقاذ والتعافي.
ويكشف المراقبون أن هذا العبور دونه محاذير وعقبات تبدأ من خلال الإنقسام على طاولة مجلس الوزراء حول التعديلات المقترحة على قانون السرية المصرفية وعبر استكمال مسار الإصلاح في السياسات المالية والنقدية، بعيداً من الشعبوية التي رافقت المراحل السابقة وحالت دون تعزيز الحوكمة والمساءلة والشفافية، ومنعت بالتالي حل أزمة المودعين، مع العلم أن أزمة المودعين ليست لدى المركزي بشكل مباشر بل هي قرار حكومي على الدولة أن تتخذه وذلك بما يحقق مصلحة المودع بالدرجة الأولى، خصوصاً وأن الحاكم يقدم الإقتراحات بالحلول ويبقى على الحكومة أن تتحمل مسؤولياتها في هذا الإطار.
فالإصلاحات باتت حاجة محلية قبل أن تكون خارجية حيث أن المجتمع الدولي يراقب مسار الخطط الإصلاحية التي يجري إعدادها وينتظر التنفيذ لتحديد الموقف والدعم المناسبين للبنان لكي يخرج من دوامة الانهيار.