محور إيران من “وحدة الساحات” إلى “الساحات المستباحة”

iran3

“إنّ عملية طوفان الأقصى تأتي في ظل الجرائم الإسرائيلية المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني، وتنكر الاحتلال للقوانين الدولية، وفي ظل الدعم الأميركي والغربي، والصمت الدولي.

إنّ قيادة القسام قررت وضع حد لكل جرائم الاحتلال، وانتهى الوقت الذي يعربد فيه دون محاسبة.

أدعو الشباب الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس وداخل إسرائيل إلى الانتفاض نصرةً للأقصى اليوم. كل من عنده بندقية فليُخرجها، فقد آن أوانها.

أدعو إخوتنا في المقاومة بلبنان وإيران واليمن والعراق وسوريا إلى الالتحام مع المقاومة في فلسطين”.

— قائد كتائب عز الدين القسام محمد الضيف، في السابع من تشرين الأول 2023

إذا كان ما قُدّر، وما رُسِم، وما حُلِم به، بحسب ما أعلنه محمد الضيف عن “عملية طوفان الأقصى”، أن يكون موجّهاً نحو “وضع حد لكل جرائم الاحتلال الإسرائيلي”، و”انتهاء الوقت الذي يعربد فيه الإسرائيلي دون محاسبة”، بفضل وحدة ساحات بين مقاومات كل من: الضفة الغربية في فلسطين، ولبنان، وإيران، واليمن، والعراق، وسوريا، فإنّ هذا لم يكن إلا انطلاقًا من القاسم المشترك الإيراني الجامع لتلك “المقاومات” الخمس، الواقعة تحت التمويل والتموين والإمرة والسيطرة الإيرانية، والمُسيّرة فعليًا من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، تحت قيادة مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران، الإمام علي خامنئي، الولي الفقيه.

لم يكن إنكار رأس المحور الممانع الإيراني لمسؤوليته أو دوره، أو حتى علمه بعملية طوفان الأقصى أو توقيتها، إلا استدراكًا بعد إدراك مسؤولي الجمهورية الإسلامية الإيرانية لحجم الامتعاض والغضب، العربي قبل الغربي، من شكل ومضمون ونتائج العملية، وتهيبًا من التهديد الأميركي والغربي، المصحوب برسائل المدمرات والبوارج التي ملأت مياه البحر الأبيض المتوسط.

وقد تلا الإنكار الإيراني، تحريك أذرع المحور في ساحات مقاومته، بدءًا من لبنان، عبر جبهة الإشعال والإشغال والإسناد، استجابةً لدعوة “الضيف” في الثامن من تشرين الأول 2023، كما كشف الأمين العام الراحل لحزب الله السيد حسن نصرالله، مرورًا بفصائل إيران في العراق واليمن وسوريا (قبل سقوط النظام)، بإرادة وإدارة وتسليح وتشغيل إيراني واضح ومكشوف.

أما على صعيد “الحلم الممانع” حول ضرورة وجدوى وحدة الساحات دعمًا لحماس في غزة، فقد أثبتت الوقائع على الأرض الفلسطينية أولًا، عدم تجاوب الشقيق الفلسطيني في الضفة الغربية مع دعوة “الضيف” لمؤازرة شقيقه في غزة، كما أثبتت الوقائع استدراج الشقيق في لبنان إلى قتال استنزافي تدميري، طال الحجر والبشر وبيئة الحزب ومسؤوليه من أعلى الهرم القيادي إلى أسفله، مستهدفين بالآلاف كما حصل في خروقات البايجر واللاسلكي، وما زال يحصل من استهدافات الطائرات المسيّرة… وكل هذا أدى إلى انفكاك الساحة اللبنانية، بعد ساحة الضفة الغربية، عن ساحة غزة، عبر قبول “حلال”، كان سابقًا “حرامًا”، بوقف إطلاق النار في لبنان، مع استمراره في غزة حتى الساعة.

وغني عن القول ما آلت إليه ساحتا العراق واليمن، وما تتكبدانه جرّاء الأمر الإيراني بالانخراط. وقد تكون أقسى نتيجة مفجعة وقعت على محور “وحدة الساحات”، هي في قطع الشريان الأساسي لأذرع المحور، وسقوط حليفه وظهيره وسنده، بشار الأسد وحكمه في سوريا.

اليوم، ومنذ ليل الثالث عشر من حزيران 2025، لم يختلف وضع “الساحة الإيرانية الكبرى، الأم الراعية”، عن وضع بقية الساحات المتباعدة، سواء من حيث استباحتها جوًّا وبرًّا وبحرًا، وعبر الخروقات والتصفيات والاغتيالات والتدمير المنهجي المركز وغير المركز، كما هي الحال في غزة ولبنان وسوريا والعراق واليمن، أو من حيث استسهال ضربها دون أي إمكانية لـ”وضع حد لجرائم الاحتلال”، ودون أي بحث في محاسبة العدو على تماديه في “عربدته”، كما حَلُم ووعد به الممانعون في بيان الإعلان عن بدء “عملية طوفان الأقصى” في السابع من تشرين الأول 2023.

لقد أسقطت استباحة العدو لإيران عام 2025، بعد استباحته لجميع ساحات المحور، أوهام القوة وخيال “وحدة الساحات”.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: