وضع النائب فؤاد مخزومي الإصبع على جرح المعضلة المتمثلة بسلاح “حزب الله” وقدرة الشرعية اللبنانية على سحبه وتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الذي فاوض عليه الحزب مع “الأخ الأكبر” الرئيس نبيه بري، ومن دون أن تكون للدولة أو الحكومة السابقة أي دور سوى التوقيع فقط وإقرار الإلتزامات التي لم يتم الإلتزام بها، في عملية تتكرر دائماً من قبل “الطبقة الحاكمة” كما سماها مخزومي والتي “لا تلتزم بتنفيذ ما توقع عليه من اتفاقات وتحاول اللعب على عامل الوقت ومضمون الكلام الوارد في الإتفاق، وذلك رغم جدية الرؤساء الثلاثة في تقديم رد ايجابي على الورقة الاميركية”.
ووفق مطلعين على الدينامية الجارية من أجل تقديم رد لبناني رسمي على الورقة الأميركية في الساعات المقبلة، فإن النائب مخزومي، تحدث كرجل دولة في هذا المجال، بحيث أنه تناول الجانب الوطني من مسألة السلاح غير الشرعي عندما أكد على الإرادة بـ”بناء وطن ضمن اجندة لبنانية مع حزب الله اللبناني ومن دون سلاح كمكون اساسي في البلد وليس الحزب الذي يضع لبنان في مهب الريح بسبب تنفيذه أجندة إيرانية.
كذلك، من الضروري الإشارة إلى ان مخزومي قد حدد آليةً واضحة من أجل الوصول إلى الرد المطلوب والذي يراعي المصلحة اللبنانية الوطنية، في ظل الإجماع الواضح لدى الفئة الكبيرة من اللبنانيين على رفض أي سلاح خارج إطار الشرعية اللبنانية سواء جنوب الليطاني أو شماله.
وتتضمن هذ الآلية كما يضيف المطلعون، ٤ نقاط أساسية، وتركز بالدرجة الأولى، على تحديد دور للمؤسسات الدستورية في اتخاذ القرارات المصيرية، وليس العودة إلى منطق “ترويكا الحكم القديمة الذي شل المؤسسات وهمش دورها وعمق الأزمات”.
ثانياً، من المهم التركيز على انقلاب الحزب على موقفه من البيان الوزاري، خصوصاً وأن ممثله على طاولة الحكومة، وافق على ما ورد فيه من “حصر السلاح بيد الدولة”، إلا إذا كان دافعه اليوم وكما كشف مخزومي هو “تطبيق الحزب لأجندة إيرانية واستعمال لبنان ساحة للتفاوض مع اميركا، وهو ما يحتم اتخاذ موقف رسمي وبحث الموضوع في المجلس النيابي”، علماً أنه لطالما شدد وطالب مخزومي بمناقشة هذا الملف في البرلمان ولكن بقيت هذه المطالبة من دون أي صدى لدى المعنيين.
ثالثاً، وبالحديث عن الاستراتيجية الدفاعية التي عاد الحزب إلى تكرارها، فإن مخزومي، لامس النقطة الأساس في هذا الطرح وبالتوقيت الحالي، وهي العودة إلى المناورة وكسب الوقت كما حصل منذ ١٥ عاماً، بينما من المطلوب ووفق الواقع الجديد في لبنان والمنطقة، تسليم كل السلاح غير الشرعي على الأراضي اللبنانية كافةً.
أما بالنسبة إلى الورقة الاميركية التي يعود اليوم الموفد الاميركي توم براك إلى بيروت لتسلم رد لبنان عليها، فقد اعتبر النائب مخزومي أنها تحمل مطالب المجتمع الدولي الواضحة وهي تطبيق اتفاق الطائف والقرارات الدولية وخصوصاً القرار ١٧٠١، ومكافحة الفساد والإصلاح المالي، علماً أنها مطالب لبنانية بحسب ما يرى المطلعون على الحراك السياسي الحالي، وتفرض على الحزب وكما قال مخزومي أن يظهر “نية جديةً للتنسيق والتعاون مع الدولة من أجل النهوض بالبلد وإعادة بنائه بدلاً من المناورة والتعنت”.
وفي سياق متصل، يشير المطلعون إلى أن مخزومي وهو نائب عن العاصمة، لم يفغل الإعلان عن رفضه التام للعراضات المسلحة للحزب في بيروت ودعوته لتوقيف الفاعلين مؤكداً على أنها “لا تعكس المفاهيم الحقيقية لذكرى عاشوراء، بل تبعث رسائل غير مطمئنة للداخل وللخارج”.