واشنطن محرجة ومستعجلة في الشرق الأوسط وتترجم إحراجها واستعجالها ضغوطاً تمارس على دول وحكومات المنطقة لا سيما لبنان للتوصل في اسرع وقت ان لم يكن إلى تطبيع مع إسرائيل أقله إلى اتفاقات وترتيبات سياسية امنية عبر لجان تفاوض وهي تمارس ضغوطاً ايضاً على الحوثيين للتوقف عن استهداف البحرية الاميركية وقد أحرجت الاستهدافات ادارة ترامب.
كما ان واشنطن مستعجلة في اعادة احياء الاتفاقات الإبراهيمية بدأ من البوابة السعودية وفي نفس الوقت تريد الاستعجال في انهاء التفاوض مع الإيرانيين اما باتفاق او بضربة، وواشنطن ايضاً تريد استعجال انهاء الحرب الاوكرانية والرئيس دونالد ترامب ممتعض من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لانه لا يزال تجاوبه مع ترامب دون المستوى الذي يريده الأخير في ظل استمرار موسكو في هجوماتها على أوكرانيا وعملياتها العسكرية.
كما ان الرئيس ترامب محرج ومستعجل بتحقيق خروقات هامة في مختلف الملفات التي يتولاها لإسكات المعارضة الديمقراطية الداخلية ولإرساء ظروف سياسية ايجابية له عشية الانتخابات البرلمانية النصفية في الكونغرس.
في ايران نظام ولاية الفقيه محشور داخليا وخارجيا مع تفاقم الأزمات الاقتصادية والمعيشية والمالية داخليا وامتعاض الشعب الإيراني وخروجه بمظاهرات متواصلة يحجب إعلام الدولة أخبارها كما ان النظام محشور خارجيا وهو يستعجل التفاوض مع الاميركيين ليس لتسوية موضوع الملف النووي بقدر ما هو لتحرير الأرصدة المالية المجمدة في الخارج والتي تحتاجها طهران اشد الاحتياج لإصلاح الوضع الاقتصادي اولا علما ان النظام الإيراني يعيش اسوا أيامه حاليا في ظل توجسه من تحقق ضربة أميركية اسرائيلية على منشآته النووية في اي وقت.
وهو محشور ومحاصر ايضا بشروط واشنطن وفي طليعتها تخليه (اي النظام) عن اذرعه في المنطقة وقد بدأ يبيع الحوثيين بعدما باع حماس وحزب الله وخسر الحليف الاستراتيجي الأساسي في سياسته الاقليمية بشار الاسد لكنه يسعى مع حزب الله إلى الاحتفاظ بما تبقى له فيه تحسباً ليوم ضرب النووي حيث يكون بالامكان تحريك جبهات اسناد في لبنان والعراق واليمن اقله هذا إذا تمكن النظام من ذلك وكان له وقت في ذلك.
في لبنان الحشر والحرج يقابل الاستعجال الاميركي وزيارة الموفدة الاميركية مورغان اورتاغوس تقض مضاجع المسؤولين اللبنانيين المتهيبين تنفيذ القرار ١٧٠١ ونزع سلاح حزب الله حرصاً على السلم الاهلي كما يرون ويعتبرون في وقت واشنطن تضغط على الدولة اللبنانية لمزيد من الحسم والحزم في تجريد جنوب الليطاني بداية من السلاح الإيراني وتنفيذ باقي القرار ١٧٠١ شمال الليطاني اقله وفق برنامج زمني صادق وواضح.
وتأتي الضغوط الاميركية على الدولة في ظل اصرار حزب الله على الاحتفاظ بسلاحه سواء جنوب الليطاني او شماله فالسلاح وفضلا عن كونه في صلب وجود الحزب هو في صلب عقيدته الدينية وهو اليوم يتمسك به اكثر فأكثر بحجة التهديد السني المتطرف المتأتي من النظام السوري وبقاء إسرائيل في الجنوب وأرادته في استثمار موضوع سلاحه لمكاسب داخلية لبنانية في التركيبة السياسية.
فالحزب ايضا محشور ومحرج ومستعجل من جهة في تامين التمويل عبر الدولة لاعادة اعمار قرى الجنوب إسكاتا لنقمة شيعية داخلية من بينته وفي نفس الوقت يرفض شروط المجتمع الدولي وخاصة الاميركية منها وفي طليعتها مقايضة الإعمار بنزه سلاحه فيما الدولة واقفة في المنتصف تحاول وتحاول تدوير زوايا مع الاميركيين صعب تدويرها مع ادارة دونالد ترامب.
حتى الرئيس السوري الموقت احمد الشرع محرج ومحشور ومستعجل: امامه عقبات كعداء في الداخل تختصر في كيفية نقل سوريا من مرحلة الحرب إلى مرحلة السلم الاهلي وادخال الإصلاحات في النظام والتي بدورها تحتاج لدعم دولي والذي من خلاله ياتي الأعمار وبناء الدولة كما ان امامه تحديات الخارج واولها التحدي الاسرائيلي الضاغط سياسيا وميدانيا عليه ثم التحدي الإيراني سواء في الداخل او مع لبنان (تهديد حزب الله وجماعاته في الشرق والشمال الشرقي) مروراً بالصراع التركي الاسرائيلي على الورقة السورية وليس انتهاء بعلاقات سوريا مع الروس وكيفية ضبط الامن والاستقرار … كلها تحديات تجعل الرءيس الشرع في حالة من الاستعجال للإصلاح والمصالحات وفي حالة من الحرج والحشر اذاء التأثير التركي على حكمه وكيفية التوفيق بين مصالح الأتراك والأميركيين وإسرائيل التي باتت على مسافة قريبة من دمشق تحاصره وتحاصر بالتالي فرص نجاة سلطته.
لن نتوسع اكثر في تحليل مكامن الحشر والحرج الاقليمية الأخرى والتي سوف نتناولها في مقالات لاحقة إلا ان الاساس الذي يهمنا لبنان الواقع بين مطرقة المطالب الاميركية الدولية الصارمة بنزع السلاح والاستعجال في ذلك على ايد الجيش اللبناني قبل اي اعمار او استثمارات خارجية وبين التصعيد العسكري الاسرائيلي الذي يقضم كل يوم امن واستقرار وسيادة لبنان على وقع ارهاصات التفاوض الاميركي الإيراني وعناد الحزب في تسليم سلاحه للدولة وسندان الاصلاحات والإعمار المشروط.
فلا يكفي الحديث عن موقف موحد للرؤساء الثلاث امام مورغان اورتاغوس إذا بقي هذا الموقف اقل من توقعات واشنطن ورزنامتها الاقليمية بل لا بد من التحرك الجدي باتجاه وضع جدول زمني اقله واظهار مزيد من الجدية والحزم في تطبيق القرار ١٧٠١ واتفاق وقف النار كي لا يدفع لبنان مجدداً ثمن ضوء اخضر أميركي جديد في لبنان سيما وان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سيتوجه إلى واشنطن للقاء الرئيس ترامب والبحث في الملفات الاقليمية الساخنة وفي طليعتها الملف النووي الإيراني ولبنان.
انها مرحلة صعبة جداً على جميع الافرقاء الاقليميين بمن فيهم إسرائيل المحاصر فيها داخليا نتنياهو وحكومته والمستعجل اقليميا في رفع التهديد الإيراني النووي وتهديدات اذرع طهران واهمها حرب الله وحماس والجهاد والحوثيين .