Search
Close this search box.

مسيحيو العراق في لبنان بين الحرية والأمان المكلِفَين.. والتطلّع الى “الوطن البديل”

لينا البيطار

هم من ضمن أقلياتٍ تائهة في بلدان المشرق العربي بعد تهجير قسري من وطنهم بدأ تدريجياً وعلى مراحل منذ العام 2003 بعد سقوط نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين ودخول الولايات المتحدة الأميركية وحلفاءها الى العراق، ليبلغ هذا التهجير ذروته في العام 2013 مع نشأة تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” (داعش) ودخوله الى مناطق في شمال العراق خصوصاً قرى وبلدات ومدن سهل نينوى حيث تقطن أغلبية مسيحية أجبرتها أعمال العنف والإرهاب والتوتر الطائفي التي مارسها هذا الفصيل الإرهابي الديني المتطرّف عليهم، ما دفعهم الى نزوحٍ داخلي في المرحلة الأولى ثم نزوح آخر خارجي لكنه نهائي هذه المرة بعد رفضهم العودة الى الوطن الذي تركوه قسراً.

إنه مسار نحو 400 ألف مسيحي عراقي تُرِكوا لقدرهم الظالم والمهين عندما غضّت دول العالم الطرف عن معاناتهم مكتفية بالتنديد و”كلام المنابر”، مع مساعدات أممية شحيحة شبه غائبة.

ومع وصول طلائع المهجرين الى لبنان في العام 2014 الذين توزّعوا على أحياء برج حمود وسد البوشرية، سارعَ هؤلاء الى تقديم ملفات الهجرة الى سفارات عدة منها الأميركية والكندية والأسترالية وبعض الدول الأوروبية إلا أن غالبية هذه الملفات بقيت معلّقة في هذه السفارات، هم الذين اعتبروا أن تلك البلاد هي حتماً الملاذ الآمن و”الوطن البديل”.

ومع غياب الأرقام الرسمية الدقيقة، يمكن القول لا بل الجزم بأن عدد العراقيين النازحين الى لبنان ناهزَ 8 الآف، وهم لقيوا فيه حرية الإقامة والتعبير وممارسة الشعائر الدينية، لكنهم افتقدوا ولا يزالون الى الحياة الكريمة من الناحية الاقتصادية كون الحياة في لبنان مكلفة جداً، من هنا مطالبتهم بتأمين هجرة تليق بحياة جيدة يتطلعون اليها في “أرض الأحلام” على حدّ تعبيرهم وطموحهم.

لا ينفي مسيحيو العراق المقيمون في لبنان اهتمام الكنيسة الكلدانية بشؤونهم “على قدر المستطاع” وبحسب الإمكانات المتوفّرة من تكاليف الخدمات الصحية والغذائية والأدوية والإيواء (الإيجار) والمصاريف الشهرية، وكذلك بعض المتابعة من قبل جمعيات أهلية وخيرية وكنسية، علماً بأن الكلدان يشكلون العدد الأكبر من بينهم إضافة الى السريان والآشوريين والأرمن الذين كانوا يقيمون قبل التهجير الأول في بغداد والموصل والبصرة وأربيل وداهوك وزاخو وكركوك وسهل نينوى.

بين الإهمال الأممي والقلق على المستقبل، وبين تهجير ممنهج ونزوح عشوائي، ينضم الآف العراقيين المسيحين في لبنان الى قافلة النازحين لتتشكّل أزمة مصيرية تُضاف الى أزمات لبنان التي لا يبدو أنها ستنتهي أو تتلاشى أقله في المدى المنظور .. ويبقى “الوطن البديل” الحلم الضائع لآلاف السوريين والفلسطينيين والعراقيين ويبقى لبنان “محطة عبور” لم تعد تمنح الوافدين اليها مساحة أمان.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: