تقوم بلدية جزين منذ مدّة بتجميع النفايات ورميها في قطعة أرض تملكها في منطقة عدوّس التابعة عقارياً لجزين، علماً أن قطعة الأرض المذكورة مخصّصة أساساً لتجميع الأتربة والردميات فقط وليست مكاناً مناسباً لرمي النفايات.

وقد برزت هذه الحاجة منذ مطلع الصيف الفائت، كما يقول مصدر مقرّب من بلدية جزين، حيث بدأت النفايات تتراكم في شوارع مدينة جزين، وترافق ذلك مع تصاعد احتجاجات المواطنين، في ظلّ غياب الدعم المادي لحلّ هذه المشكلة.
لكنّ رمزية منطقة عدوّس، تكمن في موقعها الجغرافي الذي يجعلها خزاناً طبيعياً لملايين الامتار المكعبة من المياه الجوفية المتراكمة في أرض سهل واقعة عند أقدام سلسلة من الجبال الشاهقة، تروي كلّ قرى وبلدات منطقة جزين.

وتترك هذه الممارسات غير المسؤولة ألف علامة استفهام حول إصرار بعض رؤساء البلديات المتعاقبين على السلطة، في تحويل هذه المنطقة إلى مكب للنفايات يلوّث الطبيعة والمياه الجوفية على السواء، غير عابئين بصحة المواطنين الذين يعانون أصلاً من تأثيرات التلوث على أنواعه، والذي ينعكس تزايداً في الاصابات السرطانية.

وتؤكد مصادر مطلعة أنّ حاجة بلدية جزين لاستخدام قطعة أرض تابعة لها في منطقة نائية عن السكن نسبياً، لتجميع النفايات ريثما يتمّ تأمين الاعتمادات المالية لموضوع حلّ مشكلة النفايات، ليس مبرّراً كافياً لتلويث منطقة تُعدّ الخزان الطبيعي الذي يروي جزين ومنطقتها.
وذكّر المصدر نفسه أنّ رئيس البلدية السابق التابع "للتيّار" حاول جاهداً إنشاء معمل للنفايات في المنطقة المذكورة وعلى عقارات مختلفة، تحت شعار ضرورة حلّ مشكلة النفايات، واصطدم حينها باعتراضات من داخل المجلس البلدي وخارجه وصلت إلى حدّ الاستحصال على قرار قضائي لإيقاف بناء المعمل بعدما تأكد استناداً إلى دراسة الأثر البيئي احتمال تلويث المياه الجوفية.
فيما عطلت اعتراضات بعض الاعضاء مشروعًا ممولاً من الـUSAID، محاولة أخيرة قبل الانتخابات البلدية الاخيرة بأشهر.
فلماذا الاصرار من البلدية الحالية والقيمين عليها، والتي تمثل تحالف "التيّار الوطني الحرّ" والنائب السابق ابراهيم عازار، عضو كتلة التنمية والتحرير، على تلويث المياه الجوفية؟
وألا تُوجد حلول لمشكلة النفايات إلاّ عبر خلق مشكلة جديدة وخطيرة تتمثل بتلويث المياه الجوفية، خاصة إننا أصبحنا قاب قوسين من موسم الامطار؟