مع اقتراب فصل الشتاء، يزداد قلق اللبنانيين من احتمال مواجهة أزمة جديدة في أسعار المحروقات وفي توفر الكميات في الأسواق، خصوصًا في ظلّ التوترات الأمنية المتصاعدة والتخوّف من انزلاق البلاد إلى حرب واسعة. ويأتي هذا القلق نتيجة التجارب السابقة التي خلّفت لدى اللبنانيين هاجسًا دائمًا من تكرار مشاهد الانقطاع وارتفاع الأسعار.
كما أنّ معظم العائلات اللبنانية تعتمد على المازوت للتدفئة خلال فصل الشتاء، الأمر الذي يجعل أي اضطراب في السوق عاملًا مباشرًا في زيادة الضغط المعيشي.
21 تشرين الثاني.. التوترات العالمية ترفع أسعار المحروقات في لبنان
وفي حديث خاص لموقع LebTalks، أوضح رئيس نقابة أصحاب محطات المحروقات في لبنان جورج البركس، أنّه من الآن وحتى الأسبوع الأول من شهر كانون الأول، سيشهد لبنان المزيد من الارتفاع بأسعار المحروقات، ويعود ذلك إلى أسباب عدة.
أولًا، أشار البركس إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض عقوبات على روسيا، ومن المتوقع أن تبدأ هذه العقوبات في الظهور بشكل فعلي في 21 تشرين الثاني، الأمر الذي يثير قلق المستثمرين ويخيفهم من احتمال تراجع كميات النفط الخام المعروضة في الأسواق الدولية.
وعلى الرغم من أن تقارير منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) والوكالة الدولية للطاقة تشيران إلى أن العرض النفطي في الأسواق الدولية يفوق الطلب، إلا أن الأسعار شهدت ارتفاعًا نتيجة الضربات الأوكرانية على منشآت النفط الروسية، ما دفع سعر برميل النفط للارتفاع إلى نحو 64.5 دولار خلال 48 ساعة، أي بزيادة 2 دولار تقريباً، وهو ما ينعكس مباشرة على أسعار المحروقات في لبنان، خصوصًا مع دخول فصل الشتاء.
وبناءً على ذلك، توقّع البركس ارتفاع الأسعار بمقدار 7,000 ليرة لتنكة البنزين و9,000 ليرة لتنكة المازوت الثلثاء، مؤكدًا أنه من الآن وحتى الأسبوع الأول من كانون الأول، سيرتفع سعر تنكة البنزين إلى نحو 40,000 ليرة، وسعر تنكة المازوت إلى نحو 35,000–37,000 ليرة.
ماذا لو اندلعت الحرب؟
أكد البركس أن الكميات الحالية كافية، لكنه لفت إلى أن الأمور قد تتغير إذا اندلعت حرب، مع وجود سيناريوهان محتملان:
أشار إلى أنه إذا وقعت الحرب من دون إغلاق المرافئ البحرية، فلن يؤثر ذلك على المخزون الداخلي لأن البواخر المستوردة للنفط ستتمكن من تفريغ مخزونها في لبنان، وبالتالي لا يُتوقع حدوث أزمة في الكميات.
لكن، في حال حدوث حصار وإغلاق للمرافئ البحرية، أكد البركس أن المخزون الحالي يكفي لفترة محدودة، وبعدها سيتم التكيّف مع الظروف القائمة. وأوضح أن التنسيق بين الشركات المستوردة والنقابة ووزارة الطاقة ورئاسة الحكومة ووزارة الاقتصاد سيكون ضروريًا لضمان تأمين المحروقات ومواجهة أي طارئ. وأضاف أن بعض المناطق قد تواجه صعوبة في وصول الصهاريج إلى المستهلكين، وفي مثل هذا الوضع، سيتم ضمن خطة الطوارئ تخصيص كميات المازوت والبنزين للمرافق الحيوية مثل المستشفيات وبعض المؤسسات الأساسية، مع وضع خطط مفصلة لضمان استمرارية التزويد حسب الحاجة.
المخزون الشتوي يكفي.. والأسعار تتأقلم عالميًا
في ما يتعلق بتوفر الكميات خلال فصل الشتاء، وبخاصة كميات المازوت، فأكّد البركس أنها كافية جدًا وأسعار المحروقات تتأقلم مع الأسعار في الأسواق الدولية، ولا يوجد أي عامل داخلي في لبنان يؤثر على الأسعار، حيث يتم يوميًا، كل ثلثاء وجمعة، إصدار جدول تركيب الأسعار من قبل وزارة الطاقة والمديرية العامة للنفط.
ويبقى المواطنون أمام تحدٍ مزدوج، إذ يواجهون ارتفاع الأسعار المستمر، وفي الوقت نفسه يسعون لضمان استمرار توفر المحروقات لتلبية احتياجاتهم اليومية، خصوصًا في حال حدوث أي طارئ أو أزمة غير متوقعة.