كتب جاد حاوي في موقع “LebTalks”:
40 ألف وحدة سكنية تدمرت في الجنوب اللبناني، فيما مُسحت 29 قرية عن الخريطة. هذه الأرقام، التي نشرتها مراكز دراسات لبنانية مؤخراً، ليست مستغربة، بل إن ما يستدعي الاستغراب، فعلاً، هو استمرار “حزب الله” في حرب من دون أفق، كما دعوة الدولة اللبنانية إلى “أن تلعب دورها”.
أهو التيه الذي يُحرك أنصار “حزب الله” وإعلامييه ومن تبقى من قادته، أم هي السذاجة؟ هذا سؤال لا جواب حقيقياً عليه، إنما الجواب يكمن في ما حصل قبل بداية الحرب، وما فرضه الحزب على اللبنانيين، أكان عبر المكر أحياناً أم بالقوة أحياناً أخرى.
ومكر الحزب يُشبه مكر الثعالب؛ فحيناً يريد من الجيش اللبناني أن يساعده على التصدي لإسرائيل، لكنه طوال العقود الماضية كان يصادر قرار السلم والحرب ويتصرف كأنه بديل عن الجيش اللبناني. أمعن الحزب في ضرب مفهوم السيادة الوطنية، ثم حين ضُرب من إسرائيل، ركض لاهثاً وراء الدولة ومؤسساتها لتخدم مصالحه.
يريد الحزب من الدولة ومؤسساتها أن تضمن اقتصادياً واجتماعياً بيئته الحاضنة، لكنه أسس اقتصاداً موازياً قائماً على التهريب وفرض الخوات وتجارة المخدرات. يكتمل مكر الحزب كذلك حين عطل سير الديمقراطية اللبنانية ومؤسسات الدولة، سواء بمنع انتخاب رئيس للجمهورية أو بإفشال حكومات ومنع انتخابات نيابية وبلدية وغيرها. أما الآن، فيستجدي أي موقف رسمي لممثلي الدولة اللبنانية في محافل العالم للدفاع عنه وعن أعماله.
أفرغ الحزب الدولة من مفهومها ومضمونها، ثم وجد نفسه صريعاً للعنف الإسرائيلي. تعامل الحزب مع الدولة كنقيض لها، ومدمر لحضورها، ثم وجد نفسه وحيداً مضطراً للتعامل مع العنف الإسرائيلي دون أي رادع.
يقول مثل شعبي تركي: “إن لم يجد الثعلب الماكر أي دجاجة ليأكلها، مضغ ذيله وقال ما أطيب الدجاج”. واليوم، يمضغ الحزب ذيله وحيداً بعدما كُشف أمر مُكره، وما عليه الآن سوى تحمل أخطائه القديمة وحيداً. عسى أن يفهم الثعلب يوماً أنه لا حماية لأي كان سوى جحر الدولة وغطائها.