على الرغم من انّ التوصيات النيابية بشأن ملف النزوح السوري، صدرت قبل يومين بشبه إجماع نيابي وتوافق وطني، تتواصل الاسئلة حول مدى تنفيذها من قبل الحكومة او ستبقى حبراً على ورق؟، إن لم تقترن بأوراق قوة للضغط على المجتمع الدولي، وتعزيز التفاوض في مؤتمر بروكسل للنازحين السوريين الذي سيعقد قريباً، خصوصاً انّ النقاط التسع تلحظ بأنّ لبنان ليس بلد لجوء، مع المطالبة بتحويل المساعدات الى النازحين في سوريا، والتواصل مع كل الجهات المعنية بالملف، ومنها مفوضية اللاجئين والحكومة السورية، كما تطالب الورقة بمعالجة أزمة النزوح بمهلة أقصاها سنة.
هذه المخاوف تنتشر في صفوف الفريق المعارض، الذي أطلق هواجسه من عدم تنفيذ هذه التوصيات، وغياب اي قدرة لها على مواجهة مخاطر النزوح وتداعياته على لبنان واللبنانيين، في ظل غياب اي ثقة بما يمكن ان تقوم به السلطة أمام مغريات الهبات الاوروبية، بمساعدة الفريق الممانع الذي يصرّ اولاً على رفع الحصار وعقوبات قيصر عن النظام السوري، والضغط على أوروبا والولايات المتحدة لدفعهما الى إيقاف مفاعيله بأقصى سرعة، وفي مقدمهم حزب الله الذي لا يريد ضمنياً إعادة النازحين الى ديارهم، ودعوة أمينه العام السيّد حسن نصرالله الى فتح البحار اللبنانية امام النازحين، هدفها إطلاق رسالة الى المجتمع الغربي للتفاوض معه وحده، على غرار ما جرى مع الموفدين الدوليين بشأن القرار 1701 والوضع الجنوبي.
الى ذلك وفي ظل المخاوف من فرض إبقاء النازحين في لبنان، مقابل مغريات الهبات الاوروبية، تبقى هذه المسألة عالقة بتلك المغريات، لذا تواصل الاحزاب المسيحية بصورة خاصة تحذيراتها من مخطط يرمي الى توطين النازحين في لبنان، في ظل لا مبالاة دولية من خطورة هذا الملف على لبنان، لانّ جوهر تلك الهبات هي منع عودة السوريين الى بلدهم، وتمويل بقائهم في لبنان ومنع توجهّهم الى أوروبا.
مع التذكير بأنّ المخطط المذكور كان مرسوماً منذ العام 2016 ولربما قبل ذلك، وصولاً الى ما صدر في تموز الماضي عن البرلمان الأوروبي، الذي صوّت بأغلبية ساحقة على قرار يدعم إبقاء النازحين في لبنان، الامر الذي يطلق العنان للتحذير من اتفاق دولي، يذكرنا بما جرى قبل عقود من الزمن لحلّ قضية اللاجئين الفلسطينيين على حساب لبنان، فأيدت ذلك بعض الجهات السياسية انطلاقاً من منحى طائفي، فكانت النتيجة ثمناً باهظاً دفعه لبنان واللبنانيون فقط.
إنطلاقاً من هنا لا بدّ من قراءة هادئة لتبعات الملف والأخطار التي تحدّق بلبنان ومن كل الجهات، والتي وصلت الى ذروتها، اذ لا يمكننا القبول بما يلزمنا به المجتمع الدولي، اي بتطبيق ما يمتنع عن تنفيذه في دول أخرى.