“صحيح ترسانة إسرائيل أكبر بكتير من ترسانة المقاومة بس انا راح أعطيك متل: انا معي سيارة Ferrari وانت معك Renault 5 وفتنا ببعضنا مين بتكون خسارتو أكبر؟”
مدير مركز الارتكاز الاعلامي سالم زهران.
رب قارئ معتقد بأن ارتكاز زهران “على هذه النظرية “التبسيطية” هي من بنات افكاره ومجترحات تحليلاته الاستراتيجية الصادرة من مركزه البحثي العميق، والتي سرعان ما سيتبيّن بعد مناقشتها مدى تناقضها في مضمونها ومع ما سبقها وقد يلحقها، الا ان من يتابع الخطاب الممانع من ايران مروراً باليمن والعراق سوريا ولبنان فغزة يقع على أربعين شبه وتطابق وتناقض ممانع مع استنتاج واستخلاص وتناقض ارتكاز الاعلامي الممانع سالم زهران.
في التبسيط؛ صحيح ان كلفة الفيراري المترتبة عن اصطدامها بالرينو 5 ستكون أكبر لكن من المعروف والمعلوم والبديهي ان من يمتلك الفيراري يكون عادة مقتدراً ماديا ومليئا ولديه أكثر من سيارة وربما أكثر من فيراري، وحتى الفيراري الباهظة الثمن تكون مؤمنة “Tous Risques” اي ضد جميع المخاطر ويعوض عليها بمثلها لتعود أحسن وأحدث من ذي قبل، وهي ليست كحالة المعدم الذي لا يملك غير سيارته الرينو 5 حيث لا قدرة له على دفع تأمينها الالزامي ضد الغير حتى ولا على دفع تكاليف اصلاحها ولا على دفع مستحقات علاجه في حال أصيب جرّاء الحادث. فكيف يكون الحال ان وقعت المسؤولية على سائق الرينو5 بالتسبب بالحادث لتقع على كاهله عبء تكاليف الفيراري وخسائرها حيث لا طائل له على تحملها.
في التطبيق وفي اسقاط الفيراري على حالة الترسانة الاسرائيلية والرينو 5 على ترسانه الحزب، فتعويض الأولى بات من “tous risques” الأميركية المتواصلة بدون سقف “plafond”، وهذا ما عبّر عنه “مرشد” زهران وملهمه في الممانعة السيد نصرالله في خطابه تاريخ 31 أيار 2024 بقوله: “العالم يقف عاجزاً في غزة بسبب الدعم الأمريكي المتواصل لإسرائيل”.
سبق لنصرالله ان خاض غمار مقاربة ارتكاز زهران عن حالة “الرينو 5” بمقابل “الفيراري” في محطتين معبّرتين:
اذ يقول في 16 شباط 2010: “في لبنان هناك بنية تحتية وفي فلسطين المحتلة يوجد بنية تحتية، لدينا مطار ونصف عندهم مطارات، عندهم الموانئ، لدينا كم محطة كهرباء لديهم مصانع كبرى للكهرباء، لدينا كم مصفاية نفط منها معطل ومنها نصف ماشي لديهم ما شاء الله مصافٍ للنفط، عندنا بعض المصانع ولديهم مناطق صناعية ضخمة جدا بكل الأشكال والألوان، البنية التحتية في الكيان الإسرائيلي أضخم وأكبر وأهم من البنية التحتية عندنا. هناك تقرير للتلفزيون الإسرائيلي في حرب تموز حول مدى إنشغال الحكومة والجبهة الداخلية بانقطاع الكهرباء عن إحدى مدن الوسط الإسرائيلي.. حسنا، البنية التحتية عندهم أهم بكثير، والكهرباء لديهم متوفرة دائما وعندنا تنقطع”.
كما يقول معجب بالفيراري مقابل ازدرائه بالرينو 5 في 25 أيار 2013 “الإنسان يتحدث عن عدوه وهو يحسن صنعاً، فيما يعني مصالحه ومشاريعه، عندما سقطت الطائرة الأثيوبية في البحر ضاعت الطاسة عندنا في لبنان.لنترك الإدارة جانباً. في المستشفيات والاسعافات والدفاع الوطني يا أخي صفارة إنذار، رادار يقول إن هناك طيران داخل على البلد، لا يوجد شيء على الأطلاق، ولا حتى بنية تحتية، هم عندما يجرون مناورات الجبهة الداخلية يفحصون الملاجئ. الحمد لله في لبنان ليس لدينا ملاجئ نفحصها، يفحص الغرف الآمنة، وفي لبنان لا يوجد غرف آمنة لنفحصها”
ان ما قاله زهران وما قاله نصرالله سابقا وما يقوله الممانعون الآن، يضع الأصبع على جرح الواقع الأليم للخسائر الباهظة جدا في الأرواح والممتلكات وفي السياسة والعسكر وفي التكتيك والاستراتيجيا التي تتكبدها المناطق الواقعة تحت حكم ترسانة الرينو 5، كما يتناقض مع ما روج له اليوم ويروجه المحور الممانع “الرينو” منذ 1982 مرورا بـ1996 و2000 و2006 عن ان اسرائيل “الفيراري” هي أوهن من بيت العنكبوت وهي دولة آيلة حكما وقريبا جدا للسقوط والانهيار بقرب الدقائق السبعة والنصف التي اعلن عنها المستشار العسكري لقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني العميد أحمد كريم بور في 2 آذار 2017.
لإيفاء مناقشة نظرية مدير الارتكاز الممانع سالم زهران حقها في استخلاص عبرها الانسانية السياسية والاستراتيجية لن نجد أفضل من الاستشهاد ببطلين ورمزين من رموز وأساطير الممانعة والمقاومة اذ تنقل صحيفة السفير عن حسن نصرالله قوله وقناعته في 3 تموز 1991: “الدنيا في فكر الحزب فانية، نحن قوم ننمو ونكبر في الدمار”. كما نشرت صحيفة وول ستريت جورنال في تاريخ 10 حزيران 2024 عشرات رسائل وجهها قائد عملية طوفان الأقصى الحمساوي يحيي السنوار أوضح في احداها “ان اسرائيل لديها الكثير لتخسره من الحرب (فيراري)”، وفي اخرى موجهة الى قادة حماس اشار إلى الخسائر المدنية في صراعات التحرير الوطني في دول مثل الجزائر، حيث مات مئات الآلاف من الأشخاص وهم يقاتلون من أجل الاستقلال عن فرنسا، قائلاً: “هذه تضحيات ضرورية” (رينو 5)، وفي رسالة بتاريخ 11 نيسان نشرتها “وول ستريت جورنال” الى رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية بعد مقتل ثلاثة من أبناء هنية في غارة جوية إسرائيلية، كتب السنوار أن موتهم ومقتل الفلسطينيين الآخرين (رينو 5) “سيبث الحياة في عروق هذه الأمة، ويدفعها إلى الارتقاء إلى مستوى أعلى من المجد والشرف”.
من هذا الارتكاز اللاانساني بحق البشر قبل الحجر يتوجه سيّد الكتاب المقدس لهؤلاء في انجيل متى 27:23 كاشفاً: “وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُشْبِهُونَ قُبُورًا مُبَيَّضَةً تَظْهَرُ مِنْ خَارِجٍ جَمِيلَةً، وَهِيَ مِنْ دَاخِل مَمْلُوءَةٌ عِظَامَ أَمْوَاتٍ وَكُلَّ نَجَاسَةٍ”.