لا شك في انّ التوقيت الذي جرت فيه عملية خطف، منسّق حزب “القوات اللبنانية” في جبيل باسكال سليمان، يطرح تساؤلات عدة، ويعيدنا بالذاكرة الى مراحل صعبة، فهل مَن إفتعال لخضّة أمنية طائفية؟، او محاولة لتحميل المسيحيين أوزار بعض القضايا المستعصية، ومنها ملف النزوح السوري الى لبنان وتداعياته الشاقة على البلد؟، اي إضطرارهم اللجوء نحو الخيار الصعب، وبالتالي ان يكون المسيحيون أداة في إشكالات متكرّرة مع السوريين؟
هذا التوقيت الصعب الذي جرت ضمنه عملية الخطف، يصب ايضاً في خانة الخلاف المسيحي – الشيعي حول رفض سياسة حزب الله، والخلاف على حياد لبنان والإستفراد بقرار الحرب والولاء للخارج، فيرسم علامات استفهام حول هوية الفريق الذي له مصلحة في تعميق هذا الخلاف، خصوصاً انّ لبنان يواجه ازمات داخلية عدة، من السلاح غير الشرعي وسيطرة الدويلة، والوجود السوري المبطّن بالتوطين والى ما هنالك…
الى ذلك تبقى الانظار متجهة اليوم نحو قضاء جبيل، والمهم تفادي اي كارثة أراد البعض ان يحققها، وقد تكون الاسباب غير سياسية وفق ما رأى البعض، لكن لا بدّ للمنطق ان يكون سائداً، ومحاولات البعض “تصغير” ما جرى لا يمكن ان يدوم طويلاً، في إنتظار معطيات جديدة وبأسرع وقت ممكن، لانّ الماضي الاليم لا يزال غير بعيد، ومن يستذكر حوادث مشابهة حصلت لمسؤولين قواتيين، لا يمكن ان يستمر صمته كثيراً، والقوى الامنية المشكورة التي ألقت القبض على مشاركين سوريين بعملية خطف سليمان، وصلت الى خيوط جديدة، بعد مداهمتها بعض الاماكن في منطقة الشمال، حيث شملت التوقيفات متورطاً فعلياً على علاقة مباشرة بعملية الخطف، والتحقيقات جارية لمعرفة مكان احتجاز ودوافع عملية الخطف، وعلى ما يبدو انّ الحقيقة بدأت تقترب.
وعلى خط القواتي هنالك غضب وتوتر ورفض مطلق لكل ما يتكرّر كل فترة، وسط إقفال عام لقضاء جبيل استنكاراً لخطف ابنها، في ظل تضامن لافت من الاحزاب المسيحية، وحضور شخصيات سياسية مستقلة سارعت الى التضامن مع “القوات اللبنانية”. وكان لافتاً ايضاً حضور الدكتور سمير جعجع ليلاً الى منسقية “القوات” في جبيل الى جانب النواب والمسؤولين، حيث دعا الى التروي وعدم إستباق الامور والتحقيقات.
في الختام، نأمل اليوم وضع حد للفلتان الأمني، وعودة الدولة وتفادي ما نتخوّف منه، وان يعود باسكال سليمان الى عائلته ورفاقه سالماً، وينجو لبنان مما لا يُحمد عقباه.