من المتعارف عليه أنه في زمن الأزمات الكبرى والمصيرية والحروب ولدى تعرض أي بلد لعدوان شرس وتدميري، فإن أي دولة “طبيعية” تركز جهودها الأولية على حماية مواطنيها من خلال وضع خطة طوارئ تتناول كل مقومات الصمود وتأمين العيش ولو بالحد الأدنى المقبول والممكن، سواء بالنسبة للإنسان كما بالنسبة للمؤسسات والمنشآت المدنية والإجتماعية، وذلك بهدف استمرار انتظام الحياة بالنسبة للمواطن والعمل بالنسبة للمؤسسات.
إلا أن لبنان ليس كباقي الدول الديموقراطية في الغرب أو في الشرق، حيث أنه يعاني من أزمة تتمثل بعدم وجود الشخص المناسب في المكان المناسب.
وقد يكون المثال الأبرز في تعاطي حكومة تصريف الأعمال مع الحرب التي لم تبدأ بصورة مفاجئة بل بدأت منذ عام وإن كانت بقيت محصورة في الأشهر الأولى بالجنوب.
ورئيس هذه الحكومة نجيب ميقاتي، بادر وفور اتساع رقعة الحرب من الجنوب إلى بيروت وصولاً إلى البقاع، وتسجيل حركة نزوح لآلاف المواطنين هرباً من القصف، إلى التغاضي عن هذه الأزمة المستجدة وانصرف للعمل من أجل انتخاب ورئيس للجمهورية فيما اقتصرت الإجراءات التي اتخذها على مستوى الحكومة، على تقديم الحد الأدنى من الرعاية وذلك بالمقارنة مع العدد الهائل للنازحين والذي تجاوز عتبة المليون ومئتي ألف نازح حتى اليوم.
فالرئيس ميقاتي، يتفرغ اليوم للملف الرئاسي، ويهمل مهمته ومهمة حكومة تصريف الأعمال الأساسية وهي متابعة واتخاذ الإجراءات الضرورية والملحة لحماية المدنيين وتجنيبهم خطر الحرب والموت، علماً أنه تباهى على مدى الأشهر الـ١١ الأخيرة بخطة الطوارئ التي وضعتها حكومته والتي أثبتت فشلها فور تخطي عدد النازحين رقم مئة ألف نازح.
كذلك من الضروري التركيز على الواجبات التي أهملها ميقاتي كما فريقه الوزاري، وهي إطلاق دينامية دبلوماسية لوقف الحرب بالدرجة الأولى ومنذ بدء “حرب المشاغلة”.
وفي السياق نفسه، ينشغل ميقاتي فقط بالمساعي لانتخاب رئيس الجمهورية بعد عامين من الشغور وكأن قرار البرلمان في يده، فهل هو الجهة المخولة بهذا الملف، وهل يستطيع الطلب من كل النواب الحضور إلى البرلمان لانتخاب الرئيس في الوقت الذي فرط فيه عقد النواب والكتل حيث أن عدداً لا بأس به من النواب سافروا إلى الخارج بعد اتساع رقعة الحرب ومنهم من بات سجيناً تحت الأرض نتيجة الإستهداف من قبل إسرائيل ومنهم من توفي في الحرب ومنهم من يعجز عن التحرك والحضور إلى المجلس النيابي لأسباب أمنية وبسبب تهديده من قوى محلية…
يبدو أن رئيس حكومة تصريف الأعمال، يملك أجندةً خاصة ويتحرك وفق جدول أولويات تتعلق بمصالحه الخاصة فقط، بصرف النظر عن واقع البلد أو وضع اللبنانيين، حتى أنه لا يقوم بما يمليه عليه موقعه الرسمي أو حتى شعوره بالمسؤولية والإنسانية تجاه مواطنيه وأهل بلده، وليست حادثة طرده عائلات نزحت من الضاحية الجنوبية إلى أرض خالية في بيروت، إلا الدليل على شخصيته وأنانيته التي تكاد تكون “مرضية”.