في وقتٍ يشتعل فيه الجنوب على وقع المواجهات، ويغرق الداخل اللبناني في مزيدٍ من الانهيار الاقتصادي والفراغ السياسي، اختار "حزب الله" أن يرفع منسوب التوتر السياسي عبر خطابٍ لا يزال يراوح مكانه منذ عقود.
الشيخ نعيم قاسم، نائب الأمين العام للحزب، أعاد إنتاج معادلة التخوين القديمة، مهاجمًا كل من يطالب بفتح نقاش حول مستقبل السلاح، ومعتبِرًا أن "من يدعو إلى تسليمه يخدم المشروع الإسرائيلي"، وفق تعبيره.
مصادر مواكِبة تحدثت إلى Lebtalks اعتبرت أن خطاب قاسم ليس مجرد موقف سياسي، بل هو تأكيد على أن الحزب ما زال يتعامل مع لبنان من منطلقٍ أحادي، يرفض أي مراجعة، ويرى في سلاحه الثابت الوحيد، حتى ولو تغيّرت كل الظروف من حوله.
ورأت هذه المصادر أن الحزب لا يزال يستخدم اللغة ذاتها التي أُنهك منها اللبنانيون: لغة التخوين والتهديد، وفرض المعادلات بقوة الأمر الواقع. وفي موقفه الأخير، لم يكتفِ قاسم برفض النقاش، بل شنّ هجومًا مباشرًا على المبعوث الأميركي توم باراك، متّهِمًا إياه بقلب الحقائق وصناعة الأزمة في لبنان.
وفي هذا الإطار، تشير معطيات Lebtalks إلى أن الحزب يرفض، بشكلٍ واضح، كل الدعوات إلى حوارٍ وطني جامع، رابطًا أي انفتاح بتوقّف العدوان الإسرائيلي، وانسحاب قوات الاحتلال، وإعادة الأسرى، في إشارةٍ لا تخلو من التهديد بأن القرار ليس بيد الدولة، ولا بيد الموفَدين، بل بيد الحزب وحده.
من جهةٍ أخرى، تستمر الضغوط الدولية، وخصوصًا الأميركية، في الربط بين أي خطةٍ لإعادة الإعمار أو دعمٍ اقتصادي للبنان، وبين معالجة ملف السلاح خارج الدولة. وهو ما اعتبرته المصادر نفسها "تحوّلًا جديًا في الموقف الدولي، لن تسمح واشنطن بتجاوزه تحت عنوان الواقعية السياسية".
وفي ظل كلّ ذلك، تخلص المصادر إلى القول: "إن الحزب لا يزال يتمترس خلف خطابٍ لا يتغيّر، وسلاحٍ لا يُمسّ، ومفهومٍ للوطنية لا يحتمل التعدّد أو الاختلاف. وبينما يتصارع الداخل والخارج فوق الأرض اللبنانية، يبقى الشعب من دون حماية، ولا صوت، ولا قرار".