كتبَ جاد حاوي – للباحث عن سذاجة نواب الأمة، سيجد ضالته في لبنان. خذ إلياس جرادة، طوني فرنجية، أو قاسم هاشم، على سبيل المثال. “تنظير” صبح مساء عن ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية، لكنهم لا يفعلون شيئاً، على العموم، سوى التنظير.
أحدهم ينتظر نهاية الحرب في الجنوب، وآخر ينتظر مصير “حزب الله”، وثالث ينتظر أمر سيّده؛ نبيه بري. لا فعلٌ مستقل لهؤلاء ولا مبررات جدية لترك منصب الرئاسة شاغراً كل هذه المدة. سذاجة هؤلاء النواب وكثير من زملائهم ليست في طروحاتهم النظرية غير المجدية، بل في اعتبار الجمهور ساذجاً مثلهم، وإن أحاديثهم الصحفية لا تزال تقنع أحداً.
لو كانوا حقاً يريدون انتخاب رئيس للجمهورية، لكانوا عقدوا ربطات عنقهم، مشطوا شعرهم، وهذبوا ذقونهم ونزلوا إلى مجلس النواب وانتخبوا رئيساً. الطامة الكبرى أن هؤلاء لا يملكون قرارهم، أو على الأقل، لا يكترثون للجمهورية، ولا لواجباتهم الدستورية، ولا للدولة وانتظام عملها، إنما يردّدون ببغائية تلك الجملة النظرية: “نريد انتخاب رئيس بأسرع وقت ممكن”.
والكلام “ما عليه جمرك” كما يُقال، سوى جمرك أصوات الناس في الانتخابات القادمة التي يفترض أن تحاسب هؤلاء المتخاذلين عن أداء واجباتهم. يعرف الجميع أن هؤلاء النواب الضعفاء هم أحد الأسباب الكثيرة التي تمنع انتخاب رئيس للبنان.
كان الأفضل لهؤلاء النواب وزملائهم العدول عن السذاجة والتجمهر أمام مجلس النواب، فعندما يرى رئيسه العجوز أنه أصبح عاجزاً عن منع انتخاب رئيس، قد يعدّل بري رأيه ويرضخ لقرار الأكثرية.
وحتى قدوم تلك الساعة، من الأفضل لهؤلاء النواب التوقف عن الكلام والتنظير، والاكتفاء، مثل بقية اللبنانيين، بإضاءة الشموع على نية “وقف السذاجة، والامتناع عن التنظير، والاتجاه إلى انتخاب رئيس للجمهورية”.