لا يمكن الإنكار أن مشروع قانون "الفجوة المالية" سيكون بمثابة الخط الفاصل بين مرحلة وأخرى، وذلك على مستوى في التعاطي الرسمي مع معضلة توزيع خسائر الإنهيار المالي في العام 2019.
وإذا كان من المفترض أن يضع حدًا للفوضى القائمة في إدارة الخسائر، وأن ينقل هذا المشروع، من واقع الأمر الواقع إلى نص قانوني يحدّد المسؤوليات ويوزّع الأعباء بين الدولة، مصرف لبنان، المصارف، والمودعين، فإنه يفتح الباب على أسئلة جوهرية تتجاوز الوعود المعلنة بإعادة الودائع وتقسيطها، لتطال طبيعة الضمانات المطروحة، ودور مصرف لبنان كضامن لسندات "تعيد الثقة إلى نظام مصرفي".
وتعترف مصادر وزارية مطلعة لموقع LebTalks أن مشروع قانون "الفجوة المالية"، بات بمثابة الإختبار لصدقية الدولة في الانتقال من إدارة الانهيار إلى معالجته بشكل جدي وبعيداً من أي شعبوية تسبق الإنتخابات النيابية.
ووفق هذه المصادر، فالإقرار بوجود فجوة، وبضرورة تشريعها، يخرج الملف من دائرة الإنكار على مدى سنوات، وبوجود قرار سياسي بصدور القانون قبل نهاية العام.
وعلى هذا المستوى، تقول أوساط الخبراء رداً على سؤال لموقعنا، إن الدولة والمصرف المركزي يشكلان طرفي الخسارة الأساسية، وميزانية المركزي لا تزال تعاني من فجوة ضخمة رغم تحسن ملاءتها النقدية بالعملات الأجنبية.
وفي قراءة للنسخة المسربة للقانون، يشير الخبراء إلى أن الإعلان عن إعادة 85% من الودائع وتقسيط 15% يطرح شكوكاً وعدم ثقة بنجاح هذا السيناريو، وذلك لأسباب مرتبطة بمناخات غير واعدة على صعيد تحقيق نمو اقتصادي مستدام، واستقرار نقدي طويل الأمد، كما قدرة الدولة على المساهمة المالية كما هو معلن، وعلى كيفية تعاونها مع صندوق النقد الدولي.
إلا أن الحديث عن تدقيق مشترك في أموال الدعم والتدقيق الجنائي اوستعادة الأموال المنهوبة أو المهربة هي العامل الوحيد القادر على تسريع ردّ الودائع وتقليص الفجوة، على حد قول الخبراء، لكن هذا المسار يتطلب قضاءً مستقلًا، وتعاونًا دوليًا، ومهلة زمنية غير واضحة، ما يجعل من التعويل على نجاح مشروع الحكومة في حماية المودعين، غير متصل بسرعة الإقرار لاحقاً في المجلس النيابي، بل بقدرته على منع شطب الودائع عبر تسويات سياسية.