في خضم العاصفة السياسية التي اثارتها الخطوة المفاجئة بالغاء زيارة قائد الجيش اللبناني رودولف هيكل الى الولايات المتحدة، بدأت تتكشف خلف الكواليس ملامح مشهد مختلف تظهر فيه واشنطن حرصاً واضحاً على ضبط الايقاع ومنع انزلاق الامور نحو ازمة مفتوحة قد تتجاوز المؤسسة العسكرية الى مستويات سياسية اوسع.
كشفت معلومات خاصة لمنصة LebTalks عن ان قنوات اتصال رفيعة المستوى اعيد تفعيلها بين الجانبين خلال الساعات الماضية، بهدف كبح اي تصعيد محتمل وتكريس مسار تهدئة محسوب، وتضيف المعلومات ان السفير الاميركي الجديد في بيروت، ميشال عيسى، لعب دوراً محورياً في اعادة تبريد الاجواء، عبر سلسلة من المواقف والتواصلات التي اسهمت في اعادة ترتيب الاولويات وترميم مساحة الثقة.
وتؤكد هذه المعلومات ان هذا المسار تجلى بوضوح في التصريحات الصادرة عن البيت الابيض، ولا سيما اشارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب الى نيته توجيه دعوة رسمية لرئيس الجمهورية اللبنانية، جوزاف عون، لزيارة واشنطن.
خطوة رأى فيها مراقبون دليلاً على ان الولايات المتحدة لا تزال تنظر الى عون والى المؤسسة العسكرية بوصفهما ركيزتين اساسيتين للحفاظ على الاستقرار وتعزيز السيادة اللبنانية، وانها غير معنية بتضخيم التوتر الاخير او البناء عليه.
اما في ما يتعلق بالاتصالات القائمة، فتشير المعطيات المؤكدة الى انها لم تحمل اي طابع صدامي، بل على العكس، انطوت على ما يشبه اعادة تعريف للعلاقة ضمن سقف واضح مفاده ان واشنطن تقدر الجيش اللبناني وتعتبره شريكاً ثابتاً.
ويقول خبير متابع للسياسة الاميركية عن قرب لموقعنا ان الولايات المتحدة استثمرت في الجيش اللبناني على مدى سنوات طويلة، ولم تظهر حتى الان اي نية للتراجع عن هذا الاستثمار او اعادة النظر فيه، وبرغم قسوة الخطوة المتعلقة بالغاء اجتماعات قائد الجيش في العاصمة الاميركية هذا الاسبوع، الا ان التقدير السائد يشير الى ان العلاقة بين الطرفين مرشحة للعودة الى خطوطها الاساسية قريباً، خصوصاً ان القيادة اللبنانية تحركت بسرعة لمعالجة مصدر الارباك وتصحيح ما امكن من خلل، بما يمنع تراكم اي تداعيات غير ضرورية في المرحلة الراهنة.