تأتي زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى العاصمة الأميركية واشنطن ولقاؤه بالرئيس دونالد ترامب في لحظة إقليمية حساسة، لتفتح آفاقاً جديدة أمام إعادة تموضع الشرق الأوسط على الخارطة الدولية، فهذه الزيارة التي وُصفت بأنها انفراج ديبلوماسي غير مسبوق تعيد طرح تساؤلات حول مستقبل العلاقات السورية - الأميركية، ودور لبنان في هذا التحول الذي يبدو أنه يرسم ملامح مرحلة سياسية جديدة.
وفي ظل هذا الانفتاح المتسارع، يبرز السؤال، هل يكون لبنان جزءاً من هذا الحراك، وهل يمكن أن نشهد قريباً زيارة لرئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، إلى البيت الأبيض في إطار إعادة بناء الثقة مع واشنطن ودعم مؤسسات الدولة اللبنانية؟
يرى مصدر ديبلوماسي مطلع في حديثه إلى منصة LebTalks أن الولايات المتحدة الأميركية، بالتعاون مع المملكة العربية السعودية، لعبتا دوراً محورياً في دعم مسار الاستقرار في لبنان، ما انعكس تفاؤلاً بإمكانية إطلاق مرحلة إصلاحية سياسية واقتصادية طال انتظارها، ويضيف المصدر أن جوزاف عون أظهر، منذ توليه الرئاسة، التزاماً راسخاً بالحفاظ على توازن لبنان الداخلي وتعزيز علاقاته مع الدول العربية، ضمن رؤية تستند إلى الأمن كمدخل أساسي للاستقرار السياسي والاجتماعي.
أما في ما يتعلق بالعلاقات مع الإدارة الأميركية، فيوضح المصدر أن واشنطن، خلال عهد الرئيس السابق جو بايدن، كانت ترى في جوزاف عون شخصية قادرة على قيادة المؤسسة العسكرية في أصعب الظروف، وإبعاد لبنان عن محاور التوتر الإقليمي، كما لا يُستبعد وفق المصدر نفسه أن يتلقى الرئيس عون دعوة رسمية لزيارة واشنطن في الفترة المقبلة، إذ يُبدي الجانب الأميركي اهتماماً بسماع رؤيته حول مستقبل لبنان سيد حر مستقل لا سلاح فيها غير سلاح الدولة على كامل اراضيها.
ومع ذلك، يشير مراقبون إلى أن المشهد اللبناني لا يخلو من تحديات، خصوصاً بعد مباشرة السفير الأميركي الجديد مهامه في بيروت، في خطوة تُقرأ كإعادة صياغة للخطاب الأميركي تجاه لبنان، مع تلميحات واضحة بضرورة تسريع معالجة ملف السلاح غير الشرعي، وعلى رأسه سلاح حزب الله.
بالتالي هذه التطورات، برأي الخبراء، قد تُمهد لتحولات عميقة في السياسة الأميركية تجاه بيروت، مع مهل زمنية محدودة لاختبار جدية الدولة اللبنانية في ضبط المشهد الأمني الداخلي.
في المحصلة، تكشف التحركات الديبلوماسية المتبادلة عن طموح لبناني لإعادة تحديد موقعه في المعادلة الإقليمية، بالتوازي مع استراتيجية أميركية جديدة تبحث عن شركاء موثوقين في المنطقة. ويبقى السؤال الأبرز: هل سنشهد قريباً الرئيس عون في البيت الأبيض كوجه جديد للعلاقة اللبنانية - الأميركية أم أن الحسابات الإقليمية والتجاذبات الداخلية ستؤجل هذا اللقاء المنتظر، وتبقي لبنان عالقاً بين الفرص والقيود؟