هل يدفع عناد "الحزب" لبنان نحو التفاوض المباشر كأمر واقع؟

hezeb

يتبدى المشهد اللبناني اليوم وكأنه يقف على حافة تحول استراتيجي غير مسبوق، فعناد حزب الله في التمسك بسلاحه وبشروطه المطلقة قد يجر البلاد، رغماً عنها، نحو مسار تفاوضي كانت بيروت تتجنبه لعقود، ليس لأن الدولة راغبة أو جاهزة، بل لأن ميزان القوى الإقليمي والدولي بات يرى في التفاوض المباشر مع إسرائيل الطريق الوحيد لكسر حلقة المراوحة المميتة.

ففي الساعات الماضية، ظهر السفير الأميركي في بيروت ميشال عيسى بموقف شديد الصراحة، قائلاً إن الحديث عن مفاوضات غير مباشرة مجرد هروب من الواقع، وإن الولايات المتحدة تعتبر أن التفاوض المباشر وحده قادر على إنتاج نتائج حقيقية، في إشارة واضحة لا تترك مساحة للتأويل حول ما يراه الأميركيون المخرج الوحيد المتبقي.

داخل لبنان، تتعزز هذه القراءة مع تصاعد الانتقادات الداخلية تجاه الدور التعطيلي للحزب. فعضو تكتل "الجمهورية القوية" النائب رازي الحاج قدم مقاربة صادمة في صراحتها، مفادها أن المشكلة ليست عند الدولة اللبنانية، بل في الحزب نفسه.

يقول الحاج إن الحزب يدخل البلاد بتصميم يكاد يبدو مقصوداً في دوامة أزمات متتالية، فقط ليبقى السلاح خارج أي مساءلة أو إطار شرعي، ومع كل جولة تصلب، يقدم الحزب الذريعة الذهبية لإسرائيل كي ترفع سقف شروطها وتتمسك بمواقف أشد قسوة، ما يجعل أي حل أكثر استحالة.

لكن الأخطر هو النتيجة التي يصفها الحاج بالكارثية على بيئة الحزب نفسها، فالولايات المتحدة باتت تمنع عملياً أي دعم أو مساعدات أو انخراط دولي في إعادة الإعمار في المناطق المتضررة، ما دام الحزب ماضياً في منطق السلاح أولاً والدولة ثانياً.

وهنا المفارقة، فبحسب الحاج، جمهور الحزب يدفع الثمن الأكبر، فيما قيادته تخوض معارك سياسية لا نهاية لها، وتصر على تجاهل أن إسرائيل كلما واجهت تصلباً، رفعت شروطها أكثر، ومن يدري؟ قد تصل، كما يحذر الحاج في ختام حديثه لموقع LebTalks، إلى طرح التطبيع شرطاً لأي تسوية مستقبلية إذا استمر الحزب في استراتيجيته الجامدة.

لعل أبرز تجسيد لهذا الصدام جاء عبر لجنة “الميكانيزم” الأمنية التي فرضت كآلية تقنية للتنسيق الحدودي، فبينما كان يفترض أن تكون تركيبتها ذات طابع عسكري بحت، بات ذلك نتيجة عناد الحزب يتطلب تعديلاً جذرياً، عبر إدخال العنصر المدني من خلال تعيين السفير السابق سيمون كرم، في خطوة تعكس مدى تمسك الحزب بالتحكم بكل مفصل يمنحه القدرة على تعطيل المسار بما يخدم حساباته.

هذه الديناميكية كلها تضع لبنان أمام سؤال جوهري، هل يدفع عناد الحزب البلاد نحو التفاوض المباشر كأمر واقع لا يمكن الإفلات منه؟

إذاً، لبنان أمام مفترق، إما تحرير القرار الوطني من أسر السلاح، وإما الانزلاق تدريجياً نحو تسوية تفرض عليه، لا يفاوض فيها من موقع قوة، ولا حتى من موقع الندية، بل من زاوية الدولة المحاصرة بخيارات يفرضها طرف واحد.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: