في خضم العواصف الإقليمية، والانقسامات الداخلية، خرج إلى العلن ما كان يُهمس به في الغرف المغلقة، خلافٌ بدأ يتموضع بوضوح بين رئيس الحكومة نواف سلام ورئيس الجمهورية جوزاف عون، وتحديداً عبر بوابة الفريق الأمني والقضائي المقرب من الرئاسة، هذه المواجهة التي انفجرت شرارتها الأولى عند صخرة الروشة، تحمل في طياتها ما هو أخطر من مجرد تباين سياسي، إنها تعيد رسم حدود السلطة والنفوذ، وتفتح الباب على مصراعيه لسؤال وجودي حول مصير الدولة وسلاح "الدويلة".
بحسب مصادر سياسية واسعة الاطلاع، فإن قرار الحزب بإضاءة صخرة الروشة بصورة أمينه العام حسن نصرالله وهاشم صفي الدين، لم يكن مجرد خطوة رمزية، بل تحدٍ مباشر لمنظومة الحكم، تحديداً لرئيس الحكومة الذي اعتبر أن القرار انتهاك للسيادة وللشرعية، فيما أتى الصمت من جهة فريق الرئيس عون ليُقرأ كاصطفاف ضمني مع "الحزب".
الأوساط نفسها، وفي حديث لموقع "LebTalks"، تشير بوضوح إلى أن المواجهة لم تعد محصورة بشخص نواف سلام، بل هي في عمقها تمس العهد نفسه، بكل ما يحمله من دعم غير مسبوق دولي وعربي وأميركي، فالسماح بمرور هكذا رسائل ميدانية وأمنية من دون رد حازم، لا يُفهم إلا كتقويض للمؤسسات الشرعية، وكسراً لصلاحيات الحكومة وقراراتها.
وتقول الاوساط: "لا تتوقف الملاحظات عند هذا الحد، بل تتعمق في انتقاد ما تسميه تلك الأوساط نهج الانصياع لرئيس مجلس النواب نبيه بري، في مفاصل أساسية من الحكم، من التعيينات الأمنية والقضائية، إلى فرض الإيقاع عند تشكيل الحكومة، وصولاً إلى محاولة تمرير "البدعة الجديدة" تحت مسمى "الاستراتيجية الوطنية للأمن"، كل هذا أثار امتعاضاً أميركياً صريحاً، وغضباً خليجياً بدأ يتشكّل بصمت، وقد لا يطول قبل أن ينفجر".
مصادر أخرى تكشف لموقعنا أن الرياض، حتى الآن، تكتفي بالمراقبة الحذرة، وتطرح سؤالاً جوهرياً: هل هناك إرادة فعلية لحصر السلاح بيد الدولة، أم أن ما يحدث ليس سوى مضيعة إضافية للوقت؟ حتى الأحزاب المسيحية، الداعمة للرئيس عون حتى اللحظة، قد تجد نفسها في موقف تصادمي إن استمر هذا التراخي المزمن، خصوصاً أنها كانت من أوائل المنادين بنزع سلاح "الحزب" فوراً، ودون شروط.
وتتابع المصادر: "هذا السلوك اعتُبر في نظر فريق نواف سلام تخلياً عن موقف سيادي، بل وتواطؤاً مبطّناً، دفعهم إلى تحميل جوزاف عون مسؤولية كسر قرار رئيس الحكومة أمام مشهد اللبنانيين والعالم".
أخيراً، في بلدٍ تتقاطع فيه حسابات الداخل بموازين الخارج، ويُدار الحكم فيه بخيوط متشابكة بين القوة والضعف، تُطرح اليوم أسئلة لا بد من مواجهتها، إلى متى ستمنح واشنطن غطاءً لرئيس الجمهورية إذا ما استمر في سياسة "التدوير الناعم للزوايا" في وجه تمادي حزب الله؟ وهل يستطيع العهد الصمود أمام عاصفة الشرعية التي بدأت تلوح من كل الجهات؟ أم أن صخرة الروشة ستكون الشرارة التي تفجر كل شيء دفعة واحدة؟