كتب الدكتور شربل عازار: بعد أن كَثُرَ الكلام عن أنّ الظروف والمتغيّرات الدوليّة هي وحدها التي أتت بالعماد جوزاف عون وبالقاضي نواف سلام الى رئاسة الجمهوريّة ورئاسة الحكومة وكأنّه لم يكن هناك في الداخل لا جهاد ولا نضال ولا مناضلون ولا أحزاب ولا قيادات ولا قادة رأي ولا إعلاميّون مهّدوا الطريق وخصّبوا الأرض لتلقّي زرع “الزلزال الاقليمي” الذي حصل، لَهوَ كلامٌ ناقصٌ وحاقدٌ وغيرُ حقيقي، إن لم نَقل هو كلامٌ مُنافق.
في أيلول ٢٠١٩، أي قبل شهر من ثورة ١٧ تشرين الأول ٢٠١٩، دعا الرئيس العماد ميشال عون الأقطاب الى طاولة حوار في القصر الجمهوري. يومها اقترح سمير جعجع علناً على قيادات الصفّ الأول الموجودة أن تستقيل من الحكومة لتأتي حكومة تكنوقراط من خارج كلّ الأحزاب لِمَنع سفينة الوطن من الغرق، فلم يستجب أحد من الحاضرين.
وبعد شهرٍ دخل الوطن في أتون جهنّم، ثورة، فسرقة أموال المودعين بعد نهب أموال الدولة، فتفجير مرفأ بيروت، ففراغ رئاسي طيلة ٢٦ شهراً، فحرب الإسناد والإلهاء والإشغال، وصولاً للحرب المدمّرة التي شنّتها إسرائيل على “حزب الله” والجنوب والضاحية والبقاع وعلى أماكن متعددة من لبنان.
ومنذ ١٧ تشرين ٢٠١٩ حتّى اليوم، بُحّ صوت المعارضة وانتظمت في جبهة سياديّة ومِن ثُمَّ في جبهة نيابيّة عريضة من نواب “القوات اللبنانية” و”الكتائب” و”تجدّد” ومروحة مِن النواب المستقلين والتغييريين، وطرقوا ابواب السفارات والهيئات الدوليّة وجابوا وجالوا في دول القرار الغربيّة والعربيّة لحثّها على المساعدة في إخراج لبنان مِن جهنّم ومِن حروب “المحاور” الى أن تدخّلت السماء وانقلبت المنطقة رأساً على عقب وصحّ الصحيح وانتصر الحق على الباطل والتواضع على الاستكبار والدستور على الفوضى والدولة على الساحة المستباحة.
ثابرت المعارضة السياديّة حتى آخر نَفس فأمّنت ٧١ صوتاً للعماد جوزاف عون في الدورة الأولى، من دون الثنائي الشيعي ومن دون “التيّار الوطني الحرّ” وأتباعهم، وذلك قبل أن يلتحق بالمعارضة مَن التحق في الدورة الثانية ليحصل فخامة الرئيس على ٩٩ صوتاً.
وهكذا حصل أيضاً بالنسبة للقاضي نواف سلام حيث اختارت المعارضة وعلى رأسها القوات اللبنانية، وبالتفاهم التام مع النائبين أشرف ريفي وفؤاد مخزومي، أن يسحب الأخير ترشيحه مشكوراً لصالح القاضي سلام لأنّه يؤمّن أصواتاً أكثر، وهكذا حصل.
فلولا وعي المعارضة ولولا إداراتها الرائعة للعمليّة الانتخابيّة لما وصل العماد جوزاف عون ولا القاضي نواف سلام الى سدّة الرئاستين الأولى والثالثة، مع كلّ الشكر والتقدير لكلّ الدول الخارجية التي استجابت لرغبة الداخل وأيّدت توجّهات المعارضة.
مبروك للبنان العهد الجديد الذي طال انتظاره وستبقى القوى المعارضة للنهج السابق، ستبقى قوى داعمة للعهد الجديد حتى يعود الانتظام الى الدولة ويعود لبنان سويسرا الشرق، واكتر.